زينب النفزاوية

زينب النفزاوية

- إعداد الدكتور سليمان عباس البياضي

- باحث في التاريخ والحضارة

- عضو اتحاد المؤرخين العرب

- عضو اتحاد المؤرخين الدولي

- عضو الجمعية المصرية التاريخية

- كاتب وروائي وإعلامي

- محاضر في جامعة العريش


من الجمال والحكمة إلى الرئاسة:

من قبيلة نفزاوة الأمازيغية، كان والدها إسحاق الهواري أحد أكبر تجار القيروان ثم انتقلت معه للعيش في مدينة أغمات، العاصمة الأولى لدولة المرابطين. هربًا من بطش بني هلال الذين جاءوا إلى المغرب بإيعاز من الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، لمواجهة بني زيزي المتمردين عليه في أفريقيا.

في أغمات زادت ثروة والد زينب، إسحاق الهواري، بشكل مضاعف؛ لأن المدينة تقع في مفترق الطرق التجارية.

كانت زينب ترى نفسها على درجة كبيرة من الجمال والحكمة والثراء..

تنافس الرجال على خطبتها، وكانت ترفضهم؛ وقالت: إنها لن تتزوج إلا بمن يكون حاكمًا على البلاد.

يقول المؤلف علي محمد الصلابي في كتابه «تاريخ دولتي المرابطين والموحدين في الشمال الأفريقي» بأن زينب تزوجت من أمير المرابطين أبي بكر بن عمر اللمتوني.

بعدها اضطر اللمتوني إلى خوض حرب جهادية في أفريقيا جنوب الصحراء، فتزوجت بعده القائد يوسف بن تاشفين.

قال عنها ابن خلدون: إنها «كانت إحدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرياسة» وقال: «كان لها رياسة أمره وسلطانه».

وقال الشيخ أبو العباس أحمد خالد الناصري عن علاقة زينب بابن تاشفين في كتابه «الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى»، قائلًا: «كانت عنوان سعده، والقائمة بملكه، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب».

وفي كتاب «الكامل» لابن الأثير قائلًا: «كانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين».

زينب ساندت زوجها ابن تاشفين بالمشورة السياسية وأعطته أموالها، وشجعته على جمع القبائل، في قدراته القتالية.

يقول المؤرخ محمد الصالح العمراني في كتابه «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق»: إن زينب النفزاوية هي «أم فكرة بناء مدينة مراكش حاضرة للمغرب المسلم الكبير الممتد من حدود مصر لحدوده مع السنغال».

حيث بنى ابن تاشفين مدينة مراكش عام 1062م لتكون قاعدة حكمه، في وسط المغرب الأقصى بين المحيط الأطلنطي والأراضي ذات المناخ شبه الصحراوي، وحتى تكون أقرب إلى أقاليم الشمال المتحضرة من الصحراء.

ويشير أبو العباس الناصري إلى أن ابن تاشفين كان دائم الحديث عن فضل زينب أمام أبناء عمومته فيقول: «إنما فتح الله البلاد برأيها».

أنجبت زينب ثلاثة أبناء من يوسف لكنه جعل ولي عهده ابنه (علي) من زوجة أخرى ولم تعترض زينب على ذلك..

لا ننسى أن ابن تاشفين بنى دولة قوية ضمت المغرب والأندلس وانتصر على الإسبان في الزلاقة أشهر معارك التاريخ الإسلامي بالأندلس.

يقول الدكتور كمال السيد أبو مصطفى، في كتابه «جوانب من حضارة المغرب الإسلامي»: «إن المرأة المرابطية كانت تتمتع بذمة مالية منفصلة، فظهر الكثير من النساء ذوات الثراء الفاحش، اتاح لهن المشاركة بقوة في المجال العام، الاجتماعي والاقتصادي، والثقافي والأدبي».

التعليقات (0)