من الخميس إلى الخميس
الفردية .. الطابع المميز لسلوكنا الاجتماعي
مقالة تم نشرها في صحيفة الطليعة الحضرمية
العدد (6)، 03 صفر 1379هـ
9 أغسطس 1959م
من الخير لنا - نحن الحضارم – أن نتصارح ونقول الحقيقة كما هي بلا تمويه أو خداع. وإذا كانت لدينا بعض العيوب فإنها عيوب لیست حتمية بمعنى أنها ليست لها جذور عميقة الغور في الخلق الحضرمي الأصيل. ولكن هذا لا يمنع من تشخيصها حتى نستطيع استئصالها واجتثاثها إلى غير رجعة أو مآب.
وأول هذه العيوب وأكثرها ضررا وخطورة هو الفردية أو الذاتية كما يصح أن نسميها. وهذه الفردية تطبع كل تصرفاتنا وسلوكنا الاجتماعي بطابعها البغيض الممقوت.
فالحضرمي - مثلا - لا يفكر إطلاقا في المشاركة في الخدمات العامة، وإذا حدث هذا فمن قبيل الشذوذ والغرابة. وهذا السلوك ليس ظاهرة متأصلة في الخلق الحضرمي إنها هي ظاهرة طارئة تسللت إليه عن طريق الظروف المعاشية القاسية التي يعيشها الحضرمي في أرضه.
ولقد مرت هذه الظاهرة بمراحل كثيرة حتى أصبحت مميزة للسلوك الحضرمي. ومن عجب أن هذه الظاهرة ليست وقفا على الطبقات الفقيرة وإنما هي أشد تمثلا والتصاقا بالطبقة الغنية التي تملك العقارات والأموال الطائلة.
والدليل على هذا هو أن هذه الطبقة المترفة تعيش في المستوى الاجتماعي الذي تعيشه الطبقة الفقيرة، بمعنى أنه ليس هناك ما يميزها عن الطبقات الدونية بل هي أشد إغراقا في الفردية والبعد عن أسباب الترف والنعمة.
وتعليل هذه الظاهرة، هو أن الشعور بالخوف من العوز والحاجة ما زال راسخا في العقل الباطن ولهذا فإنها ترى في أوجه الإنفاق بطرا وإسرافا يقودها إلى هاوية الإفلاس؟ والأمثلة كثيرة لا تحصى.
ولسنا هنا بصدد ضرب الأمثلة وإنما بصدد تشخیص هذه الحالة لمعرفة العلاج الناجع. والعلاج في نظرنا هو في أن نتصارح وأن نواجه هذه الحقيقة سافرة حتى يمكن تغيير هذا السلوك الاجتماعي واستبداله بآخر يقضي على الفردية والأثرة الموجودة وبناء سلوك اجتماعي جديد يقوم على التضحية والمشاركة الاجتماعية فيما يعود على المصلحة العامة بالخير الكثير.
مطلوب من مجلس بلدي الغيل أن يتكلم !!
مجلس بلدي الغيل اعتمد في ميزانيته منذ سنوات ماهية طبيب أو طبيبة. وكان المقرر أن يشترك مجلس بلدي الشحر والغيل في دفع ماهية الطبيب أو الطبية على أساس تحديد أيام معينة لكل من البلدين.
ولكن هذا القرار لم ينفذ لسبب لا أدريه. فقد استقلت الشحر بطبيب خاص مازال يعمل بها حتى كتابة هذه السطور! ودفن مشروع استقدام الطبيب أو الطبيبة للغيل.. ومع ذلك فإن مجلس بلدي الغيل يعتمد سنويا لهذا الغرض مبلغا معينا من المال.
وقبل أيام قليلة طلب إلي صديق بالغيل أن أثير من جديد موضوع الطبيب أو الطبيبة. وقال لي: إن الحاجة ماسة هذه الأيام إلى وجود طبيب أو طبيبة بالغيل. وضرب مثلا بما يحدث من مآسي للحوامل من النساء. فقد زادت نسبة الوفيات بينهن بسبب تعسر الولادة وعدم وجود الطبيب أو الطبيبة.
إن كثيرا من النساء قد لقي حتفهن وهن في ربيع عمرهن! ولقد يحدث هذا لإحدى بناتك أو لقريبتك. وحتى لا يتكرر هذا ضم صوتك إلى صوت أخيك في المطالبة باستقدام الطبيب أو الطبيبة.
إن مجلس بلدي الغيل قد اعتمد منذ سنوات مبلغا معينا من المال لهذا الغرض، وإذا كان هذا المبلغ لا يكفي لسداد ماهية الطبيب فإن الحكومة لن تتوانى إطلاقا عن تقديم المساعدة اللازمة.
إن المبادأة يجب أن تأتي من المجلس البلدي، فهل يتكرم أعضاء المجلس بإثارة الموضوع من جديد.
إن أرواح النساء اللاتي قضين نحبهن يستصرخنكم أن تعملوا لإنقاذ أرواح لداتهن اللاتي يقفن في صف الانتظار.
إن الكلمة لكم الآن .. يا أعضاء المجلس البلدي. فقولوها ولا تترددوا إطلاقا.