من هنا .. بدأت مشكلة صيادي السمك

من هنا .. بدأت مشكلة صيادي السمك

مقالة تم نشرها في صحيفة الطليعة الحضرمية

العدد (83)،  25 جمادى الثانية 1380هـ

12 يناير 1961م.

إن تصرفات بعض موظفي إدارة الأسماك في الماضي كانت السبب في انفجار الأزمة الحالية التي دخلت يومها الرابع. وتفسير ذلك ، أن هذه الإدارة طوال الأعوام الثلاثة الماضية لتأسيسها لم تفعل شيئا لكسب صداقة الصيادين وثقتهم. بل الذي حدث أن بعض موظفي هذه الإدارة عمدوا إلى التسبب في خلق الجفوة وبذر الشك في علاقات هذه الإدارة بالصيادين.

وصحيح أن إدارة الأسماك قد أنشئت بغرض تطوير وسائل الصيد باستعمال الأدوات الحديثة رغبة في تحسين معيشة المشتغلين بحرفة الصيد وتنمية لأحد مصادر الثروة الوطنية.

إلا أن إقناع الآخرين بتغيير طرائق حياتهم ووسائل کسب معيشتهم يحتاج إلى بعض الوقت والجهد وذلك لإزالة بواعث الشك في نفوسهم واكتساب ثقتهم. غير أن موظفي إدارة الأسماك في الماضي لم يفعلوا شيئا ليس لعقد صداقات مع هؤلاء الصيادين فحسب بل ولا حتى لإظهار أي نوع من الاهتمام بشكاويهم!!

وهكذا كانت إدارة الأسماك في الماضي تسير في جانب في حين كان الصيادون يسيرون في الجانب الآخر، وكانت الظواهر تدل على أن الأزمة قادمة لا محالة وأن كلا الطرفين يستعدان يوما بعد يوم.

ولقد كان في استطاعة هذه الإدارة طوال الأعوام الثلاثة التي عملت فيها أن تقنع الصيادين بتغيير طرائق معيشتهم وذلك بواسطة إظهار الفوائد التي يمكن الحصول عليها في حالة استعمال أدوات حديثة للصيد، وبالتوعية على نطاق واسع.

لكن إدارة الأسماك بانعزاليتها وأرستقراطيتها جعلت الصيادين ينظرون إليها وكأنها خطر يتهددهم أو منافس يسعى للسطو على أرزاقهم!!

وعلى طول المدى وجد هؤلاء الصيادون في هذه الإدارة خصما يتفوق عليهم بطرائقه الحديثة ومنافسا قويا يمتلك من الوسائل مالا يمتلكون. وكان لا بد على مر الأيام أن يتخذ هذا التنافس شكل الأزمة، وهذا ما حدث بإعلان الإضراب الذي يمثل الذروة التي انتهى إليها الخلاف.

وما من أحد يفضل إطلاقا الإبقاء على طرائق الصيد القديمة فإن تيار التطور أقوى من أي تيار آخر وحتها سوف تتطور وسائل الصيد للاستفادة من هذه الثروة الحيوانية في مياهنا الإقليمية، إلا أن هذا يتوقف على مدى ما تتبعه إدارة الأسماك مستقبلا من خطط لكسب ثقة الصيادين .

وحبذا لو أسندت هذه الإدارة إلى موظف وطني كفء يستطيع خلق صداقات وثيقة بهؤلاء الصيادين ويسعى لإقناعهم بما يدره عليهم هذا المشروع من فوائد ومكاسب، ولا شك أن نتائج مثل هذا العمل ستكون باهرة جدا.

إننا نأمل من المسئولين أن يعالجوا هذه الأزمة بالحكمة، كما نأمل من الصيادين ألا يسمحوا لبعض العابثين بأن يجعلوا منهم أداة لقضاء مآربهم، وإن الحكومة التي تتحمل مسئولية رعاية المصالح العامة لن تعدم طريقة أو أخرى لتسوية النزاع القائم حاليا بها يحقق فائدة المواطنين جميعا.

التعليقات (0)