السيرة الذاتية .. أ.م. د/ محمد حسين محمد الصافي
أ.م. د/ محمد حسين محمد الصافي.
أستاذ تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب والعصور الوسطى المشارك، قسم التاريخ والعلاقات الدولية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء.
ولد في الخليج الأمامي على بعد أمتار من شاطئ البحر بمدينة عدن. من أسرة آل الصافي المعروفة بالتجارة والعلم، جده الحبيب العلامة عبد الله بن حامد الصافي من كبار علماء اليمن في عصره، ووالده الأستاذ حسين الصافي الإعلامي المشهور أول مدير عام للإذاعة والتلفزيون ومؤسس التلفزيون بمدينة عدن. انتقل مع أسرته إلى مدينة صنعاء عام 1972م، ودرس بالمدرسة الأهلية ثم بمدرسة جمال عبد الناصر، وأدى خدمة الدفاع الوطني في اللواء الخامس مشاة السوادية، البيضاء. التحق بكلية الآداب جامعة صنعاء، وحصل على الماجستير عام 1998 والدكتوراه عام 2008م.
أنظم مع والده في العمل الحر أثناء دراسته الجامعية، وبعد وفاه والده أسس شركة صافوان للتجارة الحائزة على العديد من الوكالات التجارية العالمية، منها شركة AT&T الأمريكية وغيرها، كذلك أسس صافوان للأبحاث وأبحاث السوق، ثم تفرغ للعلم دراسة وتدريس منذ العام 2003م، قام بالتدريس في جامعة العلوم والتكنولوجيا منذ العام 1997م وفي جامعة صنعاء منذ العام 1999، وفي المعهد العالي للتوجيه والإرشاد العام 2013م. في عام 2002م تولى إدارة فرع دار المصطفى بصنعاء، عين عام 2003 مدرسا في قسم التاريخ كلية الآداب بجامعة صنعاء، ثم أستاذا مساعدا عام 2009م، وأستاذا مشاركا عام 2017م، ورائدا للشباب عام 2019م. أسس عام 2005م مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث فرع صنعاء. له العديد من المؤلفات العلمية والأنشطة الفكرية منها نظرية النبض الكلي، وهي محاولة تفسير جديدة للتاريخ. كرم عام 2016 من قبل كلية الآداب والعلوم الإنسانية لجهوده العلمية والثقافية المتميزة. وكرم عام 2018م من قبل الاتحاد العربي للثقافة والإبداع ووزارة الثقافة جمعية المنشدين اليمنيين لجهوده في الحفاظ على التراث الإنشادي حاصلا على قلادة الاتحاد العربي للثقافة والإبداع.
التعليم:
- دكتوراه بامتياز في تاريخ العصور الوسطى، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب بعنوان: العلاقات التجارية بين الشرق والغرب عبر اليمن والبحر الأحمر في القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي. جامعة صنعاء 2008.إشراف مشترك مع جامعة المنصورة.
- ماجستير بامتياز في تاريخ العصور الوسطى، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب (حروب صليبية) بعنوان: دور ريمون الرابع كونت تولوز في الحرب الصليبية الأولى. جامعة صنعاء 1998م.
- بكالوريوس آداب - قسم تاريخ - مايو 1993م - جامعة صنعاء
يدرس المواد التالية:
- تاريخ أوروبا في العصور الوسطى.
- تاريخ الدولة البيزنطية.
- تاريخ الحروب الصليبية.
- تاريخ الأيوبيين والمماليك.
- فلسفة التاريخ.
- تيارات فكرية معاصرة.
- تاريخ الرومان.
الأعمال الإدارية:
- مساعد مدير مكتب الصافي للإعلانات 1982-1983. (وكلاء الخطوط الجوية اليمنية).
- مدير مكتب الصافي للإعلانات 1983-1988م.
- مدير عام صافوان للتجارة 1988م حتى 2003.
- مدير عام صافوان للأبحاث وأبحاث السوق 1989-2003م.
- مدير فرع دار المصطفى بصنعاء 2003-2005م.
-مدير مركز الإبداع الثقافي فرع صنعاء 2005- إلى الوقت الحاضر.
له العديد من الدراسات منها:
- انهيار الرأسمالية، الفوضى القادمة. كتاب نشر مكتبة مدبولي القاهرة 2004.
- علماء التزكية ودورهم العلمي والدعوي. المؤتمر العلمي الأول لكلية الآداب جامعة تعز 2009.
- قراءة في المناهج الغربية لتفسير التاريخ في القرن 19م. مجلة كلية الآداب، المجلد 34 العدد 2 ابريل- يونيو 2013م.
- مدخل إلى المناهج الغربية لتفسير التاريخ في القرن العشرين. مجلة كلية الآداب، المجلد 34 العدد 4 أكتوبر-ديسمبر 2013م.
- قراءة في مناهج التفسير النفسي للتاريخ. نشر في كتاب: دراسات في المنهج والفكر التاريخي، نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- مدرسة حضرموت العالمية، تناول تاريخي لدور حضرموت في التاريخ الإسلامي. قدم في ندوة الإمام الحداد، المكلا 2007.
- الصراعات الفكرية في عصر الأيوبيين والمماليك. قضية وحدة الوجود أنموذجا. مقبول للنشر، مجلة الباحث الجامعي، جامعة إب 10 / 6 / 2013م. نشر في كتاب: دراسات في المنهج والفكر التاريخي، نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- مناهج المعرفة ودراسة التاريخ. نشر في كتاب: دراسات في المنهج والفكر التاريخي، نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- وحدة اليمن عبر التاريخ 2010. التوجيه المعنوي للقوات المسلحة.
- التوحيد والعقلانية في الفكر الأوروبي الوسيط. بتر ابيلارد أنموذجا. مقبول للنشر، مجلة الباحث الجامعي، جامعة إب 11 / 2013م.
- تاريخ الحروب الصليبية على ضوء فلسفة التاريخ. مقبول للنشر في مجلة الباحث الجامعي، جامعة إب 20 / 11 / 2013م. نشر في كتاب: دراسات في المنهج والفكر التاريخي، نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- نظرية النبض الكلي، البعد الطبيعي والفيزيائي لحركة التاريخ والنظرة الموحدة للكون والإنسان والتاريخ. نشر في كتاب: دراسات في المنهج والفكر التاريخي، نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- حيوية تاريخ الفكر الإسلامي، مع مقارنة بتاريخ الفكر الأوروبي، تحت النشر.
- دراسات في المنهج والفكر التاريخي، كتاب نشر مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث، صنعاء 2016م.
- نظرات مقارنة بين تاريخ الفكر الأوروبي وتاريخ الفكر الإسلامي. صنعاء 2022م. تحت النشر.
- كتاب: الناجحون، التنمية البشرية على ضوء السنة النبوية، تحت النشر.
- قراءة نقدية لمنهج وفكر المؤرخ هنري بيرن على ضوء كتابة تاريخ أوروبا في العصور الوسطى. بحث تحت النشر .
- أساسيات المناهج المعرفية لنظريات تفسير التاريخ، مجلة آداب الحديدة، كلية الآداب، جامعة الحديدة، العدد العاشر، يوليو، سبتمبر 2021م.
- صوفية اليمن، الفكر والواقع، منتدى مجال،2021م.
- منهجية قراءة التاريخ في ضوء فقه التحولات، المؤتمر العلمي الأول لجامعة الوسطية سيئون، حضرموت، 17/ 9/ 2022م.
- نقد للقراءات الحداثية للتراث والتاريخ الاسلامي، محمد عابد الجابري أنموذجا، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء، العدد 45، يوليو سبتمبر 2020م.
- البحر الأحمر، الماضي، الحاضر، المستقبل، منتدى مجال،2022م.
- نظرية النسبية لإينشتاين والمنهج التاريخي، بحث تحت النشر 2022م.
المحاضرات العلمية والفكرية العامة التي ألقاها:
- البعد الفيزيائي والطبيعي في حركة التاريخ، فعاليات الأسبوع التاريخي، جمعية التاريخ والآثار، جامعة صنعاء 2002م.
- التعليم المعاصر والتعليم النبوي (شبوة 2005).
- مدرسة حضرموت العالمية (المكلا 2007).
- المنهج الأكاديمي ودراسة التاريخ الإسلامي (سيئون).
- في فقه التحولات، قراءات تاريخية (عدن 2007).
- المناهج الغربية ودراسة السيرة النبوية (جامعة صنعاء 2009).
- انهيار الرأسمالية (جامعة صنعاء 2009).
- دور التصوف في التاريخ الإسلامي (مركز دال للدراسات – صنعاء 2008).
- الأزمة المالية العالمية، رؤية كلية (مركز منارات – صنعاء 2009).
- الإمام الغزالي ودوره في نهضة الأمة. (جامعة صنعاء2009).
- الحركة الإسلامية المعاصرة في تركيا. (جامعة صنعاء2010).
- قضية وحدة الوجود في الفكر الإسلامي. (الجمعية الفلسفية اليمنية 2011).
- التنمية البشرية والسنة النبوية. (جامعة صنعاء 21/1/2013م).
- مناهج التفسير النفسي للتاريخ. سمنار علمي في قسم التاريخ - جامعة صنعاء. (30/4/2013م).
- الحب في الفكر الإسلامي، مولانا جلال الدين الرومي أنموذجا. (جامعة صنعاء 22 / 12 / 2015).
- روجيه جارودي، الفكر والإنسان. (جامعة صنعاء 3 / 5 / 2016م).
- الناجحون. (جامعة صنعاء 18 / 11 / 2018م).
- الفكر الأوروبي والفكر الإسلامي في العصور الوسطى، قراءة مقارنة، سيمنار علمي، قسم التاريخ، جامعة صنعاء 2019م.
- نقد للقراءات الحداثية للتراث والتاريخ الإسلامي، الجابري أنموذجا، سيمنار علمي، قسم التاريخ، جامعة صنعاء 25 أكتوبر 2020م.
- النظرية النسبية لإينشتاين والمنهج التاريخي، سيمنار علمي، قسم التاريخ والعلاقات الدولية، جامعة صنعاء 24 نوفمبر 2021م.
- حيوية تاريخ الفكر الإسلامي، سيمنار علمي، قسم التاريخ والعلاقات الدولية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء، 27 / 2 / 2022م.
- المنهج الروحي للمعرفة، سيمنار علمي، قسم التاريخ والعلاقات الدولية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء، 11 /10/ 2022م.
أشرف وشارك في تنفيذ الدراسات الاقتصادية والبيئية التالية:
- دراسة تسويقية للتحويلات الهاتفية لأسواق: (السعودية-الإمارات-البحرين-الكويت-باكستان-تونس).
- دراسة مستوى الوعي البيئي في اليمن.
- الدراسة الاقتصادية الاجتماعية التمهيدية لدراسات تغيرات المناخ في اليمن.
- دراسة أثر تغيرات المناخ في القطاع الزراعي.
- دراسة أثر تغيرات المناخ في قطاع الطاقة.
- سيناريو تغيرات المناخ في اليمن.
- دراسة أولية لمشروع تمويل الصناعات النسيجية الصغيرة.
- دراسة سوق المياه المعدنية في اليمن.
- دراسة سوق غاز الفريون بصنعاء.
- دراسة سوق الأجبان في اليمن.
- دراسة جدوى اقتصادية لمشروع مدينة سكنية - عدن.
- دراسة جدوى اقتصادية لمشروع شاليهات - عدن.
- دراسة هندسية لمشروع مدينة سكنية - عدن.
- دراسة هندسية لمشروع شاليهات - عدن.
- تصور إعادة بناء وتأهيل مدينة عدن بعد الحرب (المؤتمر الشعبي العام).
- دراسة إدارة مجلة التجارة والاقتصاد - وزارة التجارة والتموين - 1989م.
- تصور متكامل لمشروع المؤتمر اليمني الأول للتجارة والاقتصاد 1991م.
الندوات التي شارك فيها أو في إدارتها:
- ندوة الاجتهاد في الفكر الإسلامي فرع دار المصطفى بصنعاء (2003م).
- ندوة يوم الأرض الفلسطيني، بيت الثقافة صنعاء (2003م).
- ندوة إحياء التراث الإسلامي _ جامعة صنعاء (2004).
- ندوة المادية المعاصرة ورقي الإسلام الروحي_ جامعة صنعاء 2006م.
- ندوة قصة إسلامي _ جامعة صنعاء 2005م.
- ندوة دور علم التزكية في العملية التعليمية. اتحاد الأدباء والكتاب 2006م.
- ندوة الخطاب الديني في الإعلام اليمني والعربي، اتحاد الأدباء 2006م.
- تريم عاصمة الثقافة الإسلامية. جامعة صنعاء 2010.
- دور المنظمات غير الحكومية في العمل التكافلي. جمعية الإصلاح الخيرية، جامعة صنعاء، 2012م.
- التنصير في العالم الإسلامي. جامعة صنعاء 30 / 1 / 2013م.
- التغريب. جامعة صنعاء 3 / 12 / 2014م.
- الغزو الفكري في تاريخ المسلمين، عرض نموذج تاريخي، جامعة صنعاء 2017م.
- التصوف والصوفية بين الماضي والحاضر، نادي عبق الثقافي، صنعاء 21 / 11 / 2019م.
فلسفته وفكره:
نظرية النبض الكلي: يقول الدكتور محمد بوجود طاقة كونية مظهرها قانون كلي عام هو قانون حركة النبض الكلي الحاكم للكون والتاريخ والإنسان. حركة نبض كلي لا يفلت منها شيء كبير أو صغير في هذا الوجود يأخذ شكل الدوران للإلكترون ويأخذ شكل ولادة النجوم وموتها، ويأخذ شكل قيام الحضارات وسقوطها. وهو نبض منتظم يترتب عنه حركة منتظمة ابتداء من انتظام سرعة الضوء وهو الأعجوبة الكبرى في هذا الكون، وانتهاء بانتظام سرعة دوران الأرض حول الشمس، في تناغم وانسجام مدهش. وهذا ليس تفسيرا آليا للكون والتاريخ. لكنه كون يتسم بالحياة والنبض وكل ما فيه يتسم بهذه الخاصية. نبض لكل مستويات الوجود، الوجود الذي هو عبارة عن مستويات متدرجة من الطاقة، بما فيها المادة التي هي شكل من أشكال الطاقة المحكومة بهذا النبض. وعلى ذلك فقيام الحضارات الإنسانية ما هو إلا تكتل لشكل من أشكال الطاقة، وانهيارها ما هو إلا تبدد هذه الطاقة لكن بحسب قانون النبض الكلي العام الحاكم للإنسان والكون والتاريخ. والدولة هي تموضع للطاقة في هذه الحضارة. فالدولة هي اظهر شكل للطاقة الإنسانية في التاريخ. وبما أن ليس كل الدول في التاريخ هي دول خير وحضارة راقية وجمال، فهناك دول شر وتدمير وخراب وأنانية وسفك دماء. كذلك الطاقة ليس كلها طاقة ايجابية، بل هناك طاقة سلبية مدمرة. وإذا كانت حركة التاريخ في كثير من نواحيها هي حركة الصراع بين الخير والشر وبين الإيمان والكفر، فعلى ذلك فإن حركة التاريخ هي حركة الصراع بين الطاقة الايجابية البناءة والطاقة السلبية المدمرة. وهذا هو التوازن بين المتضادات الذي يقوم عليه هذا الكون الأعجوبة الرائعة للخالق البديع. فحركة النبض هي الحاكمة لحركة الجدل نفسها في صراع المتناقضات ونسيج الأضداد أي أن توازن الطاقة هو المبدأ الذي يقوم عليه نسيج الأضداد.([1])
كيف تولد الحضارات والدول: بحسب نظرية النبض الكلي والطاقة الكونية للتاريخ فإن ولادة الحضارات والدول تكون بولادة روح جديدة وطاقة جديدة وهو ما يتمثل في التقاء أربعة عوامل أساسية. أولا: في الانفجار السكاني. فقيام الحضارات والدول كان روحه ومظهره والملازم له هو الانفجار السكاني. ولم نشاهد ولادة حضارة أو دولة وهي تعاني من نقص عدد السكان. وأسباب الانفجار السكاني ثلاثة: توفر الغذاء يؤدي إلى انفجارا سكانيا. وعاملا آخر يساهم في حدوث الانفجار السكاني هو الإحساس بالتحدي الذي تشعر به جماعة ما أو شعب ما، فتكون ردة الفعل في التكاثر. وفي هذه الجزئية تتوافق هذه النظرية مع نظرية التحدي والاستجابة لتوينبي. والسبب الثالث هو الدورة الطبيعية للتكاثر السكاني بين العلو والانخفاض، والتي تخضع لها تقريبا كل الكائنات ضمن حركة النبض الكلي.
والعامل الثاني في قيام الحضارة هو وجود وتوفر طاقة القوة الاقتصادية والمالية، فكثير من الحضارات والدول قامت بسبب وجودها على طرق التجارة الدولية مما وفر لها قوة طاقة المال والاقتصاد. وهذا العامل يرتبط بعامل الانفجار السكاني، حيث يكون وفرة المال وقوة الاقتصاد عاملا في توفير الغذاء.
اما العامل الثالث: فهو قيام قوة عسكرية ذات امكانات قوية، تستطيع فرض وجود الحضارة وحمايتها من الاخطار الخارجية والداخلية. وهي التي عبر عنها ابن خلدون بقوة العصبية.
وكل هذا تمثله الآيات الكريمة:" وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)". الاسراء. وقوله تعالى:" أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)". الشعراء.
والعامل الرابع ظهور زعامة وقيادة قوية تستطيع توحيد الجماعة وتقودها لتأسيس الدولة والحضارة.
فإذا كانت هذه عوامل وأسباب ولادة الحضارات والدول فإن موت الحضارة والدولة بفقدان هذه العوامل الأربعة، أو واحد منها، مثل فقدان الأهمية الاقتصادية والقوة المالية للدولة، أو تناقص عدد السكان بشكل كبير، أو ضعف ووهن القوة العسكرية مما يؤدي إلى تعرضها للغزو والتدمير. أو سقوطها في صراعات داخلية مدمرة يعرضها للتمزق نتيجة فقدان القيادة الموحدة للجماعة.
الحضارة= انفجار سكاني+ قوة المال والاقتصاد+ قوة عسكرية+ شخصية قيادية.
الحضارة (طاقة كبيرة) = انفجار سكاني (رافد من الطاقة) + قوة المال والاقتصاد (رافد من الطاقة) + قوة عسكرية (رافد من الطاقة) + شخصية قيادية (رافد من الطاقة).
تأخذ هذه النظرية في اعتبارها التفسيرات الفيزيائية الحديثة للكون وللعالم وللوجود، فالتفسير الفيزيائي للكون والتاريخ أن الكون عبارة عن منظومة كهربائية (منظومة من الطاقة) تتحرك وتسير عبر التضاد المتوازن، فالتدافع والتضاد المسيطر عليه من قوة أعلى طبيعة أساسية في الكون وفي التاريخ. إن هذا الكون بكل ما فيه ليس سوى موسيقى بديعة للخالق العظيم. وإن التنوع والاختلاف هو جزء أساسي من هذه الموسيقى والمعزوفة الكونية الرائعة. وما بين التفرد والتجانس وبين الوحدة والتنوع واختلاف الترددات والاهتزازات تنطلق العلاقة المعقدة بين الكون والتاريخ. وبين الوجود الحي أو الطاقة الفاعلة وبين الإنسان الحر المسئول، في علاقة تفاعلية متبادلة نتج عنها تراث التاريخ الإنساني الهائل بكل ما فيه من جوانب ايجابية أو سلبية.
ولابد من الإشارة إلى أن هذه النظرية ليست تفسير مادي للتاريخ بل كشف عن طبيعة حركة التاريخ ذو النبض الكلي الذي لا يصدر إلا من حي قيوم يهب الحياة والقيومية لكل ما في الوجود في كل حين وثانية. ضمن قانون انسجام وتوازن كلي بديع للكون كله.
حيوية الحضارة الإسلامية: ينتقد الدكتور محمد قراءة محمد عابد الجابري وأمثاله للتاريخ والحضارة الإسلامية ويرفض الاستخدام المشوه والناقص للمنهج البنيوي في دراسة الحضارة والفكر الإسلامي الذي اتبعه محمد عابد الجابري ومحمد أركون، حيث استخدم هذا المنهج لهدم التراث العربي وتشويهه والحط من شأنه. وقدم صورة مغلوطة لحقيقة وروح التاريخ والتراث العربي والإسلامي، وذلك بهدف إحلال الفكر الأوروبي الوضعي بدلا عن الفكر الإسلامي المرتبط بالرسالة السماوية.
يقول الدكتور محمد: قامت الحضارة الإسلامية العظيمة والتي لم تر البشرية مثيل لها ثمرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم سواء بالكتاب أو السنة. وحكمت سنة التدافع والتضاد التاريخ السياسي والحضاري للمسلمين، حيث تداولت المذاهب الإسلامية في الحكم والدول. والحقيقة أن اختلاف البشر من سنن الحياة والكون والطبيعة، وعظمة الإسلام هو في قبوله للسنن الإلهية واحتوائه لها. سواء هذا في الحياة السياسية أو في غيرها من الميادين. كانت الأوضاع التاريخية المتتابعة عاملاً مهماً في ظهور العلوم الإسلامية المختلفة، فكانت الفتنة والاختلاف والتغيرات دافعا للحفاظ على أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتمييز الصحيح من الموضوع، وكانت حاجة المجتمع المسلم المتغيرة دافعاً لظهور علم الفقه والمذاهب الفقهية في ظل الاختلاف حول النصوص ظنية الدلالة أو النصوص ظنية الثبوت. وكان طغيان المادية وحب الدنيا واختفاء مظاهر السنة دافعاً لظهور علم التصوف وطرق التربية الروحية، كما كان تحدي الفكر المسيحي والفكر الهندي واختلاف المسلمين في قضايا الإمامة والقضاء والقدر والصفات دافعاً لظهور علم الكلام ومدارسه الفكرية المختلفة.
هكذا إذن كانت حيوية الفكر الإسلامي تحكمه حركة التضاد والتدافع، فرفضاً للفتنة ونتائجها ظهر الخوارج الذين كفروا الإمام علي ومعاوية معاً، وقالوا بكفر مرتكب الكبيرة، ورفضاً للخوارج ظهر المرجئة الذين قالوا لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ورفضاً للمرجئة ظهر المعتزلة الذين قالوا مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، ورفضا للمعتزلة ظهر الحنابلة ورفضاً للحنابلة ظهر الأشاعرة ورفضا للأشاعرة ظهر فكر ابن تيمية الذي لم يشهد من وجود تاريخي سوى في العصر الحديث، مما سبب في بروز الفكر الاثنا عشري لكن المتجدد في نظرية ولاية الفقيه للإمام الخميني بعد سقوط خلافة أهل السنة. واستمرت جميع هذه المدارس في الوجود وحركة التدافع الذي ساعدتها على التنافس والمجاهدة ضد الخصوم وإبراز أفضل ما لديها، بل إن هذه الفرق تطورت نتيجة التضاد والتنافس فيما بينها، وفي الفقه ردا على مدرسة الرأي لأبي حنيفة ظهرت مدرسة النص لمالك، ثم مدرسة التوفيق بينهما للشافعي، وفي الدعوة والسلوك رفضا للخروج على السنة والترف ظهر التصوف بمدارسه المختلفة. وفي السياسة رفضا لدولة بني أمية المناصبة العداء لآل البيت ظهر التشيع بمذاهبه المختلفة. كذلك بظهور الرازي بما يمثله من عقلانية وعلم الكلام ظهر مولانا جلال الدين الرومي بما يمثله من روحانية وعشق إلهي رفضاً للعقلانية الجامدة، وبظهور ابن عربي بما يمثله من فكر مثالي مغرق في المثالية ظهر ابن تيمية بما يمثله من فكر تجسيمي نسب إليه وتبرأ هو منه واسماه إثبات الصفات.
طبيعة حركة التاريخ الإسلامي هذه تدافعية وليس على منهج هيجل في الجدل، إذ لا نفي فيها، بل جميع المدارس والفرق لا زالت حتى اليوم تتواجد ولو بأحجام مختلفة استمراراً لطبيعة التنوع والتعدد في الخلق البشري. ويتميز هذا التاريخ الإيماني باستمرار ظهور المجددين فيه.
وبحسب الدكتور الصافي تعاني الأمة اليوم تزييف الوعي في كل العلوم الإسلامية تقريبا. فعلم القران مستهدف بالتفسير المنحرف له المضاد للنص الصريح وللسنة، والحديث مستهدف بالدعوة بالاكتفاء بالقران الكريم والطعن والحط والتشكيك في الحديث النبوي وهو شارح ومطبق ومفسر للقران الكريم والمصدر الثاني للتشريع، كذلك مستهدف من خلال الأخذ منه بغير فقه فيحرف المعنى إلى غير المقصود منه. وعلم الفقه مستهدف من خلال الدعوة إلى إلغاء المذاهب الإسلامية بحجة أنها فرقت بين المسلمين بينما هي مناهج استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، والمشكلة في التعصب لها وليس فيها، وعلم التصوف استهدف بحجة انه شركيات ودروشة وتكاسل وخمول بينما هو علم التزكية والتربية والسلوك وكل ما يخالف الشريعة ليس من التصوف والأمة اليوم بأمس الحاجة للنهضة الروحية. واستهدف علم الكلام بحجة انه سفسطة وجدل لا طائل منه في قضايا لا تهم المسلم بينما هو علم الدفاع عن الإسلام والإيمان والنبوة من خلال الأدلة العقلية وعلم المنطق وهو مهم في مواجهة الغزو الفكري ومواجهة عقول كبيرة تدعو للإلحاد. واستهدفت اللغة العربية بحجة أنها لا تواكب العصر فالانجليزية هي لغة العصر ولغة العلم والمال والأعمال، بينما اللغة العربية هي وعاء الفكر ومنهجه وأثاره ولغة الحضارة الإسلامية وعلومها ولغة القران الكريم، بينما اللغة الانجليزية مجرد علم آلة ليس مقصود لذاته.
رأيه في التفسير الإسلامي للتاريخ: يشير الصافي إلى أن المنهج الإسلامي للتاريخ منهج كوني شامل لدراسة التاريخ تفتقد إليه كل المناهج المعاصرة، حيث يبدأ من خلق السماوات والأرض ويتضمن ربط حركة التاريخ الإنساني والفعل الإنساني بالبعد الطبيعي والبعد الغيبي، فأحداث الطبيعة ليست مجرد مصادفات خبط عشواء لا علاقة لها بسلوك وفعل الإنسان. كما أن المناهج الأخرى لا تدرس أو تؤمن بأي تدخل لقوى الغيب في الأحداث التاريخية. هذا المنهج عند تحليله ودراسته للحدث التاريخي، يأخذ بكافة العوامل الصانعة لهذا الحدث ومنها العامل الغيبي أو تدخل قوى الغيب للمساهمة في صنع الحدث التاريخي،
كما يعلمنا الإخبار القرآني والنبوي للتاريخ بأهمية العامل الفيزيائي والطبيعي. فالبيئة الفيزيائية والطبيعية المحيطة بالإنسان تتأثر وتتفاعل مع فعل الإنسان، إن كان خيراً بخير أو شراً بشر. فالكفر والإفساد يؤدي إلى غضب الطبيعة بأمر ربها. والإيمان والإصلاح يؤدي إلى عطاء الطبيعة وخدمتها للمؤمن كما في حديث السحابة التي تسقي زرع المؤمن المتصدق ([2]). وقوله عز وجل: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". (الأعراف 96).([3])
على أن الرؤية الإسلامية توضح أن التاريخ الإنساني تاريخان: تاريخ أبوي وتاريخ انوي، فالتاريخ الأبوي هو تاريخ أبونا ادم وأبونا إبراهيم عليهم السلام أي تاريخ الأنبياء والرسل والصالحين المجددين وقصة الصراع بين الإيمان والكفر والخير والشر. وتاريخ انوي ينطلق من قول الإنسان كما قال الشيطان أنا خير منه[4]. وهو تاريخ الصراع على الدنيا والسلطة والمال والنفوذ، وكل تاريخ الحروب والصراع العبثي مثل حروب نابليون أو الحرب العالمية، فهو تاريخ ولكن تاريخ انوي ونحن ندرسه لأخذ الفائدة.
انهيار الرأسمالية: في كتابه انهيار الرأسمالية، الفوضى القادمة، قدم الدكتور الصافي رؤيته في مستقبل الحضارة الغربية الرأسمالية من الناحية التاريخية والاقتصادية. مبينا أن خلل الدورة المالية في المجتمع هو العامل الأساس في سقوط النظام البنكي المالي وبالتالي في سقوط الحضارة الغربية برمتها. إضافة إلى انتهاء عمرها التاريخي والحضاري([5]).
كذلك ينتقد الدكتور محمد المنهج الأكاديمي وبالأخص المنهج التاريخي حيث يعتقد أنه مصاب بعدة عيوب منها:
1- لا يوجد فيه منهجية محددة في الفصل بين الذات والموضوع. أو بين ذاتية الباحث والموضوع الذي يبحث فيه. ففي كثير من الأحيان يسقط الباحث ذاته في الموضوع حتى بمجرد إضافة أو اختيار مصطلحات معينة. ومن الصعب طبعا منع الذاتية في الكتابة العلمية لأن الذات العارفة جزء من معادلة فهم الحدث. لكن توضيح الفرق بين ذاتية الباحث والموضوع مهم حتى لا يلبس على القارئ. والمقصود هنا أنه لا توجد آلية محددة تفرض على الباحث اتباعها ومراقبة عمله بوعي في عدم الخلط بين الذات والموضوع.
2- غلبة النظرة السلبية في تقييم الأبحاث حتى أصبح النقد فقط النظر للسلبيات. وليس النقد بمفهومه الشامل. وهو الكشف عن الإيجابيات والبحث عنها.
3- اصبحت الأبحاث مجرد جمع مفرق لا يظهر فيه بوضوح منهجي محدد ما هي إضافة الباحث. بمعنى كما يحيل الباحث ما أخذه عن غيره في الحاشية عليه ان يحيل الى نفسه حتى تتحدد بالضبط ما هي إضافاته.
4- كذلك عدم الالتزام بمنهجية الخروج من الجزئيات الى الكليات والكشف عن قوانين جديدة أو سنن او تأكيدها. بسبب عدم القدرة او اهمال او تجاهل المنهج الاستقرائي.
مدونة الدكتور محمد حسين الصافي.
https://mohammedalsafy.blogspot.com/
صفحة الدكتور محمد حسين الصافي - Posts | Facebook
https://www.facebook.com/D.MOHAMEDALSAFI/posts
[4] ) المشهور، ابوبكر بن علي: إحياء لغة الإسلام العالمية، أربطة التربية الإسلامية، عدن، 200م، ص6.