غزة والخليل في عيون الرحالة اليهود أواخر العصور الوسطى
دراسة حالة الرابي ميشولام بن مناحم الفولتيري 886هـ /1481م
د. مصطفى وجيه مصطفى
أكاديمي – مصر
ملخص البحث:
جاء الأوربيون إلى عاصمة دولة سلاطين المماليك جماعاتٍ وأفرادًا ملتمسين إذن السلطان المملوكيِّ المُترَفِّع للسائل الأوروبيِّ المتواضع بالارتحال داخل أراضي الدولة، وكذا السماح للرَّحَّالة المسيحيين الغربيين بالسير إلى الأراضي المقدَّسة التي شهدت الوقائع التاريخية لحياة المسيح عليه السلام، فضلًا عن ذلك؛ فقد كانت لتلك البقاع مكانتها الكبيرة في الوجدان اليهودي؛ لذلك شد اليهود إليها رحالهم متَّخذين من حركة اليهود التوراتية وتنقُّل قبائلهم من مكانٍ إلى آخر معينًا لهم. ومن هذا المنطلق كانت رحلة ميشولام ابن مناحم صاحب موضوع هذه الدراسة، إذ يذكر أن شد رحاله من موطنه فولتيرا إليها كي يزور أماكن المقدسات اليهودية مثل مكان معبد سليمان المزعوم. يهمنا هنا حديثه عن مدينتي غزة والخليل، حيث تركت رحلته عنهما ملاحظات مهمة عن بعض من جغرافية المدينتين والسكان والأحداث التاريخية والوجود اليهودي، حيث نزل الرحالة الأوربي/ اليهودي المدينتين وسجل مشاهدات قيمة لم تذكرها المصادر المعاصرة، وكلما طالت إقامته فيها كلما عرف المزيد ففتح بذلك سبلًا جديدة تكشف غموض بعض الأمور بدقة شديدة.
Summary
Gaza، Hebron Jewish travelers in the eye late middle ages
A case study of Rabbi Meshullam Ben Menahem Of Volterra of 886 Ah/1481 m
Europeans came to the capital of the Mamluk sultans of groups and individuals seeking so great Mamluk Sultans European poor fluid trekking within the territory of the State، as well as allowing Western Christian pilgrims walking to the Holy land that saw the historical facts of life Christ، moreover; those spots her standing in the Jewish consciousness، so pulling Jewish Jewish movement claiming biblical landing and movement of their tribes from one place to another set for them.
From this point his Meshullam Ben Menahem pretended to trip was the subject of this study، recalling that tug carolers from his homeland to Volterra to visit places of Jewish holy sites such as the location of the Temple of Solomon. We are here talking about Gaza and Hebron، where their journey left important notes on some of the cities and population geography and historical events and Jewish presence.، Where European/Jewish Travelers Inn cities views recorded value never mentioned the contemporary sources، and the longer the residence where he could learn new avenues opened revealing the ambiguity of some things very carefully.
المقدمة:
ليكن مدخلنا إلى هذا الموضوع ما ذكره المؤرِّخ الغربي هنري.ل. سافج بقوله: "لقد سبق تدفُّق الحُجَّاج للمقدسات المسيحية في الشرق الأدنى عصرَ الحروب الصليبية بكثير، علاوة على أنه ظل بعدها طويلًا، ولم يتوقف تدفقهم حتى اليوم. وقد تتابعت رحلات الحجاج أفرادًا وجماعاتٍ عبر القرون إلى الأراضي المقدسة... وإذا كانت الحروب الصليبية الغربية قد ماتت؛ فإنَّ حَجَّ الغربيين لا يزال حيًّا"[1]، ولعله هنا يؤكد أنَّ الرحلة إلى الأماكن المُقدَّسة كانت مصدر شغفٍ وإلهامٍ كبيرين للكثير من العائلات الأوربية والشخصيات المهمة.
ولا شك أن الفترة التي يُمثِّلها عصر سلاطين المماليك (648 - 923ه/1250- 1517م) تحتل مساحةً مهمةً في تاريخ الرحلة الأوروبية إلى المنطقة العربية؛ فقد شهدت هذه الفترة عدة تطورات تاريخية مهمة بدأت بوقف الخطر المغولي 659/1260م، وانتهت بسقوط دولة المماليك بعد هزيمة مرج دابق والريدانية 923هـ/ 1517م، مرورًا بالقضاء على الوجود الصليبيِّ في المنطقة العربية بعد تحرير عكا بقيادة الأشرف خليل بن قلاوون 690هـ/ 1291م؛ وكانت النتائج المباشرة لنجاحات دولة سلاطين المماليك في سنواتها الأولى أن صارت القاهرة العاصمة السياسية والاقتصادية والثقافية للعالم المسلم من ناحية، كما كانت مقصدًا للزوَّار والتُّجَّار والسفراء والحجاج، والمغامرين، وحتى الجواسيس أيضًا.. فقد جاءوا إليها جماعاتٍ وأفرادًا ملتمسين إذن السلطان المملوكيِّ المُترَفِّع للسائل الأوروبيِّ المتواضع بالارتحال داخل أراضي الدولة، وكذا السماح للرَّحَّالة المسيحيين الغربيين بالسير إلى الأراضي المقدَّسة التي شهدت الوقائع التاريخية لحياة المسيح عليه السلام، فضلًا عن ذلك؛ فقد كانت لتلك البقاع مكانتها الكبيرة في الوجدان اليهودي؛ لذلك شد اليهود إليها رحالهم متَّخذين من حركة اليهود التوراتية وتنقُّل قبائلهم من مكانٍ إلى آخر معينًا لهم.
التعريف بصاحب الرحلة:
كان ضمن هؤلاء اليهود الذين شدُّوا رحالهم للوصول إلى "القدس" تلك المدينة العريقة التي يعتبرونها سرة العالم ويحجُّون إليها ثلاث مرات في العام، هو أحد الرابيين الإيطاليين ويُدعَى ميشولام بن مناحم بن مناحم الذي اتجه نحو الشرق في الربع الأخير من القرن التاسع من الهجرة / الخامس عشر من الميلاد 15م/9هـ 1481م/ 886هـ.
واقع الأمر أن معرفتنا بميشولام بن مناحم تُعدُّ محدودةً، وهو في ذلك يشبه غيره من الرَّحَّالة الأوربيين الآخرين الذين توافدوا على المشرق في العصور الوسطى، وكل ما نعرفه عنه مقتبسٌ من رحلته؛ إذْ يقول عن نفسه إنه يهوديٌّ إيطاليٌّ، من أسرة ثرية عاشت في فلورنسا في القرن الخامس عشر الميلادي/التاسع الهجري، جاء ذكر ذلك عند تعرُّضه للحديث عن يهود القاهرة في رحلته، وذكر أن أحد كبار تجار الأحجار الكريمة اليهود بالقاهرة يُدعى الرابي موسى دي فيلا تعرَّف عليه وعرَّفه على ناجيد القاهرة، يقول: "... وأذكر أنه –أي موسى دي فيلا- منذ اثنين وعشرين عامًا كان في منزلنا في فلورنسا، وأكرمه والدنا صاحب الذاكرة المباركة، خصوصًا في دائرتنا المعروفة باسم بلفروزو Polvereso ولم ينس الكرم والشرف الذي تمتَّع به من جانب والدنا... وتحدَّث عنّي شخصيًّا، وشهد أننا كنا أثرياء، وأنه كان في حوزتنا أكثر من ألف دوكة وامتدَحَنَا طويلًا.."([2]).
وفي ضوء ذلك يمكن لنا أن نرجِّح كَوْنَ ميشولام بن مناحم تاجرًا يهوديًّا إيطاليًّا ثريًّا؛ وليس رجل دينٍ، وإن كانت الإشارات التي اجتمعت عنه تُفيد نزعته الدينية التي يغلب عليها حلم اليهود العام بتأسيس مملكة يسرائيل من جديد([3])، ومن خلال ما كتبه يتضح لنا أنه لم يرتحل إلى "القدس([4])" وحده؛ بل كان له صاحب يهوديٌّ أيضًا يُدعى روفائيل، وقد تحدَّث عنه في بضعة مواضع([5])؛ وذلك يعني لنا أن ميشولام بن مناحم لم يزُرْ تلك المواقع منفردًا، لكن أراد أن يصحبه أحد رجال الدين اليهود، وهو يشبه في ذلك غيره من الرَّحَّالة اليهود الذين سبقوه برحلات للأراضي المقدسة في فلسطين، منهم بتاحيا الراتسبوني الذي وجد من يرافقه في رحلته([6])، وكذلك صموئيل بن شمشون الذي صحبه في رحلته رجلٌ يُدعى جونثان هاكوهين([7]).
خط سير الرحلة:
حسب ما ورد في رحلة ميشولام بن مناحم؛ فقد خرج من موطنه (إيطاليا) ومرَّ في طريقه بكثير من البلاد التي تناولها بالوصف، وكانت (رودس) أول تلك المحطات في المجيء إلى الشرق، ثم (الإسكندرية)، ومنها إلى (رشيد)، ومن رشيد إلى (القاهرة)، ثم خرج منها عبر الطريق السينائي حتى وصل (غزَّة)، ومنها إلى (الخليل)، ومن الخليل إلى (القدس)، وبعد اتمامه الزيارة استعد للرحيل فخرج من القدس إل (الرَّملة)، ثم (يافا)، ولأن صاحب القارب كانت له سلع ببيروت قادمة من دمشق؛ فقد ذهب بالمسافرين -ومنهم ميشولام- إلى بيروت، وبعدما ذهبوا إلى بيروت لم يجد صاحب القارب البضائع قد وصلت؛ فاضطر إلى الذهاب إلى (دمشق) ومعه باقي المسافرين أيضًا، ثم عادوا إلى بيروت، ومنها أخذوا طريقهم في البحر المتوسط إلى (قبرص) ثم (رودس) عائدًا إلى موطنه، وكان في كل محطة يتناول كثيرًا من صورها الاجتماعية والاقتصادية، وركَّز على أعداد اليهود في كل بلدٍ مرَّ به في رحلته([8]).
وسنقتصر في هذه الدراسة على بيان صورة مدينة غزة وبلدة خليل الرحمن في رحلته، وحتى تكتمل الصورة عمدنا إلى مقارنة ما جاء عنده من أخبار عن مدينة الخليل بما جاء عند غيره من الرَّحَّالة الأوربيين المعاصرين خلال الفترة نفسها، حتى نقف على هذه الفترة من العلاقات بين الغرب والشرق في العصور الوسطى، وبطبيعة الحال رجعنا إلى المصادر الإسلامية كلما استدعى الأمر لتفسير بعض الأحداث والوقوف على حقيقتها.
الوصول إلى غزة:
خرج ميشولام من القاهرة في صحبة قافلة متوجهة لفلسطين وقطع الطريق السينائي حتى وصلوا إلى مشارف غزة، حينئذ دخلت القافلة التي بها ميشولام الخان أو الفندق بالعريش لأخذ قسطٍ من الراحة، والتزود بما يحتاجونه. وقد ذكر الرابي صاحب الرحلة أن المسافة من مصر إلى غزة نحو 298 ميلًا، وفي واقع الأمر فقد كانت المسافة تمر بالأماكن التالية([9]):
وبعد أن وصل ابن مناحم غزة واطمئن قلبه أنه دخل الأراضي المقدسة في سلام قدم وصاية لمن يريد أن يأتي من حجاج غرب أوربا لبيت المقدس.
وصايا ميشولام للمسافرين بالطريق السينائي:
ونلاحظ أن النصائح التي قدمها ميشولام لقارئه هي نصائح تخص المسافر في المسافة من مصر إلى بيت المقدس، لكي يتجنب الأخطار على طول المسافة المذكورة (298 ميلًا على حد ذكره) فذكر: أن المنطقة من المطرية إلى غزة كلها صحراء، لذلك وجب على كل مسافر أن يضع على راحلته جوالين، الأول يضع فيه خبزا والآخر يضع فيه التبن والعلف للدابة، وقربة الماء، لأن الماء الصالح للشرب غير موجود تقريبًا. ووصيته الثانية: هي حمل الليمون لتجنب أضرار حشرات الصحراء المعروفة بقملة فرعون، وكانت وصيته الثالثة: هي السير بصحبة قافلة كبيرة تجنبًا لأخطار اللصوص الذين يتكرر ظهورهم في الصحراء. والوصية الرابعة هي أن تسير في بطء لسببين:
الأول: أن في الصحراء غبارًا كثيفًا ورمالًا تغوص الخيول فيها.
والثاني: أن الغبار يرتفع ويدخل الفم ويسبب الجفاف في زور الإنسان ويسبب وفاته بسبب العطش، وإذا تصادف أن شرب من الماء المالح فإنه يسبب له متاعب أكثر من ذي قبل.
وقدم وصيته الخامسة: لمن لا يعرف اللغة العربية فقال إنه يجب عليه أن يرتدي ملابس مثل ملابس الأتراك حتى لا يعرف أحد أنَّه يهودي أو من الفرنجة، كما يمكِّنه ذلك من عدم دفع كثيرٍ من الضرائب المقررة على الأوربيين، ولكن على المسافر أن يصنع فوق رأسه غطاءً أبيض مثلما يفعل الأتراك والمسلمين[10]، ثم قدم نصيحته السادسة: بالحديث عن خطر البدو الذين يختفون في الرمال التي تغطيهم حتى أعناقهم، مختبئين دون طعام ولا شراب، ويضعون حجرًا أمامهم يحجب رؤيتهم، وهم في هذا الكمين يستطيعون رؤية القادمين الذين لا يرونهم، وعندما يرى هؤلاء قدوم قافلة أقل عددا أو أضعف جندا ينطلقون بعد صيحة على زملائهم ويركبون خيولهم بسرعة النمور، حاملين الحراب الخشبية ذات الرؤوس الحديدية في أيديهم، وهي رماح شديدة الصلابة. كما يحملون أيضا الميس([11]) الذي يستخدمه القراصنة لأجل كسر الدروع، وترسًا مصنوعًا من الرقاع والقار، وهؤلاء يمتطون صهوات الجياد عراة إلا من قميص قصير، من دون بنطال أو نعال، أو مهماز، يفاجئون القافلة ويأخذون كل شيء حتى الملابس والخيول، بل أحيانا يقتلونهم، ولذلك من الأفضل للمسافر أن يكون في صحبة قافلة تركية لأنَّهم حملة أقواس ماهرون، ويخشى اللصوص جانبهم لأنَّهم عراة ولا يقدرون على إطلاق السهام. ثم نصيحته السابعة: قدمها لتفادي خطر متجرِّمة البحر، أي القراصنة، الذين يصلون باستخدام مراكب شراعية صغيرة مسلحين، وهم مقاتلون ماهرون يرتدون ملابس الأتراك. والنصيحة الثامنة: قدمها للمسافر عند احتكاكه بمنطقة الجمارك، وذكر عن موظفي الجمارك أنهم إذا فعلت شيئا غير عادي بالنسبة لهم سوف يفهمون على الفور أنك لست تركيًّا أو مسلما، هؤلاء الموظفون عيونهم ساهرة يقظة.
وذكر نصيحته التاسعة: قائلا "... وإذا سألتني عن أسلوبهم وماذا يجب أن تفعل، فإنه من الضروري عندما تصل إلى هذه الأماكن، أولا أن تخلع نعلك وتجلس القرفصاء ولا تحاول أن تقف، وإذا سقطت منك كسرة خبز التقطتها، ولكن لا تأكل هذه الكسرة إلا إذا وضعتها فوق رأسك، وعليك أن تدعو من حولك ليشاركوك الطعام، حتى لو كانوا لا يأكلون معك[12]، لا تخلع أي شيء من ملابسك، وأن تنام في الملابس نفسها، وإذا قدموا لك أي طعام عليك أن تمد يدك وأن تنحني عندما تأخذه، وأنت تتقدم نحوه لتزود نفسك بالطعام، احترس ألَّا تخلع أي شيء من ملابسك وتضعها إلى جانبك على الأرض. عليك ألا تدخل بيت أحد في نعليك ولا تتحدث مع أحد عدا أن تجلس القرفصاء، ولو أن معك رغيفًا واحدًا من الخبز وكوبًا واحدًا من النبيذ، ويأتي رجل فيأخذهم فيشرب ويأكل، عليك ألا تمنعه من ذلك؛ لأنَّهم حتى لو فعلوا ذلك مع الملوك فلا اعتراض وليس في هذا حرج، وأنه من عادتهم أن يجلسوا في حلقة حول الطعام، وكلهم يأكلون من إناء واحد، السادة والعبيد، كلهم سواء، هم أيديهم إلى الطبق وتخرج حاملة قبضة. جدير بالذكر أنَّهم لا يستخدمون مناديل المائدة ولا سكينا ولا ملحا، ولا يغسلون أيديهم إلا بعد تناول الطعام، إذ يغسلون الذراع حتى الكوع، وهناك البعض من ينظف يده باستخدام التراب الناعم الذي له رائحة الريحان. ومن عاداتهم أيضا ألَّا يقدموا العلف أو الماء للدواب منفردة، بل كل دواب القافلة في وقت واحد، ذلك لأنَّه في شريعتهم خطأ كبير أن ترى الخيول أو صغار واحدة منها تأكل أو تشرب دونها فهذا يؤذيها، وألَّا يستخدم القسوة مع الحيوان. وينبغي ألَّا يتعدى أي شخص حدود الشرع والعادة، وألَّا يعرف أنَّه يهودي أو فرنجي وأنه لذو حظ سيءٍ مَن يقع في هذا..."[13].
وفي نصيحته العاشرة: لفت نظر المسافر إلى أنَّه حتى إذا خلت الرحلة من كل هذه الأخطار، فربما يتعرض المسافر لمفاجآت أخرى من بينها أن تنفق الدابة التي يركبها المسافر، أو يصيبها الهزال عندما يصل إلى بيت المقدس، وذلك بسبب الماء المالح الذي تشربه الدواب، ويسبب الحرارة الشديدة، فضلًا عن أن التراب الذي يدخل أفواههم، والرمال التي يغرقون في بحرها حتى الركبة فتصيبهم الآلام والحاجة إلى الطعام في هذه الرحلة الطويلة، ومِن هُنا على المرء أن يكون حريصًا في أساليبه وأن يستجمع أشكال الحكمة حتى ينقذ نفسه من كل هذه الشرور[14].
ثم قدم النصيحة الأخيرة، وذكر أنَّه على المسافر أن يحمل معه قضيبًا طويلًا مدببًا من الحديد، حتَّى يربط فيه راحلته. ويجب أن يكون القضيب طويلًا لأن الرمال لا تمسكه إلا إذا غرس عميقًا في الأرض، فيكون من الصعب اقتلاعه.
على أية حال، بعد أن قدم ميشولام وصاياه آنفة الذكر – واصل رحلته صحبة القافلة التي ارتحلت عن الفندق أو الخان يوم الأربعاء الحادي والعشرين من يوليو، وواصلت سيرها إلى غزة، وعندما اقتربت من غزة شاهد ميشولام فندقًا يسمَّى الخان، وذكر أن هذا مكان تتوقف فيه القوات أو القوافل، وفي هذا المكان توجد أفنية واسعة وخلفها يستريح الرجال خلف ستائر[15]، وهذا أمر طبيعي فنتيجة لوقوع غزة على الطريق التجاري البري الذي ربط مصر وبلاد الشام، فإن القوافل كانت تتخذها محطة استراحة، وتدل المعلومات الواردة في دفتر غزة على وجود عددٍ من الخانات، تدل أسماؤها على أنواع السلع التي تتعاطها، وكما هو معروف فإن الخان يستخدم للاستراحة ولبيع السلع التجارية الواردة إلى المدينة([16])، لذا فحديث ميشولام عن الفندق أو الخان لا يعني أن غزة كان بها فندق واحد أو خان واحد، بل خانات متعددة، لتوائم كثرة الطلب، العائد لكثرة القوافل التي تواكب ازدهار حركة الحج والتجارة لبلاد الشام آنذاك. وحين وصل ميشولام وجد الأماكن والفنادق ممتلئة بالرجال هنا وهناك؛ لأن القوافل التي وصلت قبلهم توقفت بغزة أيضا، ولم تواصل سيرها لدمشق بسبب اضطرابات بين العربان، لذلك كان يوجد بغزة آنذاك ما يزيد عن سبعة آلاف رجل وعشرة آلاف من الإبل، كانت في طريقها إلى دمشق[17].
وصف غزة:
وقد صف ميشولام غزة بأنَّها مكان لطيف ومشهور، وفواكهها مشهورة وطيبة[18]. وهو يتشابه في وصفه مع ما وصفها به برتراندون دي لابروكير الذي زارها في الفترة من 836- 837هـ/ 1432-1433م، الذي قال عن غزة: "... وهي مدينة لطيفة غير مسورة، تحوطها منطقة جميلة، وتقوم عند البحر على مدخل الصحراء..."([19]) وكان مانديفيل قد قال عنها "... وغزة مدينة جميلة وغنية ومليئة بالسكان..."([20]) وهو ما ذكره عنها فابري الذي أدهشته المدينة وقال إنَّها ممتلئة بأشجار النخيل، حتى إنَّها تظهر كما لو كانت في غابة ([21]). ووجد ميشولام بغزة كذلك الخبز وأجود النبيذ، وقال إن اليهود هم من يصنعون النبيذ فيها. وجدير بالذكر أن ابن إياس أشار إلى "النبيذ الغزاوي" عند ذكره خبر سفر السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون (764- 778هـ/ 1362 – 1376م) إلى الحجاز سنة 778هـ/ 1376م، فقال: "... وأشيع أنَّه حمل معه نبيذ غزاوي..."([22]) ما يدل على تمتع نبيذ غزة بشهرة واسعة، لأن النبيذ كان يصنع في كثير من بلاد السلطنة المملوكية، ولكن خص السلطان بحمل نبيذ غزة له دلالاته([23]).
ومما ذكره ابن مناحم عن غزة أن محيطها زهاء أربعة أميال من دون أسوار[24]، وقد شاركه في ذلك فابري ووصفها بأنها لا يطوقها أسوار، ولكن بها كثيرٌ من الأبراج المرتفعة للدفاع عنها ضد الاعتداءات([25])، وعند ميشولام فهي تبعد عن البحر نحو ستة أميال وتقع في وادٍ فوق تل. وعدد سكانها يعادل عدد رمال البحر[26]. وفي ذلك اتفق معه فابري وشاهد فيها كثير من التجار علاوة على كثير من العاملين بدكاكين المأكولات، أضف لذلك أنَّها تضم فئات عديدة من البشر من جنسيات مختلفة، فكثير من العرب والمصريين والشوام والهنود والأثيوبيين تراهم فيها([27]).
اليهود في غزة:
ومما ذكره الرابي اليهودي ابن مناحم أنَّه يوجد بغزة ما بين خمسين إلى ستين أسرة يهودية ([28])، وكلهم حرفيون. ولهم معبد صغير وأنيق، وهم أصحاب حدائق كروم وحقول ومساكن. رحبوا به أيما ترحيب. وقد أشار إلى أن اليهود، يعيشون فوق قمة التل. وفي الصدد نفسه، ذكر أن بالمدينة أربع أسر من السامريين يعيشون في جانب من التل([29]).
وفي واقع الأمر فإن مسألة وجود اليهود في غزة يكتنفها الغموض[30]، كما هو الحال بالنسبة للمسيحيين، إذ لم يذكر بنيامين التطيلي وجود يهود في غزة وقت السيطرة الصليبية، وأول إشارة تدل على وجود يهود بغزة هي التي ذكرها برتراندون دي لابروكير في رحلته حين قال "... وعندما وصلتها-يقصد غزة - لم أجد فيها أحدًا استطعت التفاهم معه سوى يهودي سامري صقلي أتاني أنقذني من الحمّى الشديدة..."([31]). وبطبيعة الحال فإن وجود يهودي ينفي وجود قطاع سكاني يهودي كامل، وربما كان هذا اليهودي من بين الزوار الذين يرتادون إلى غزة. وإذا صح العدد عند ميشولام الذي شاركه فيه عوبديا أيضًا، فهو لا شك راجع إلى الهجرات اليهودية للأراضي المملوكية بعد سقوط الأندلس الإسلامية، وقيام محاكم التفتيش الكاثوليكية لتتبع المسلمين واليهود. وهناك إحصائية ترجع إلى القرن 16م بينت أن عدد السكان اليهود في غزة سنة 932هـ/1525-1526م كانوا 95 أسرة من الربانيين والقرائين وكذلك 25 أسرة من السامرة([32])؛ وهو ما يشير إلى تسامح السلطات الإسلامية إلى حدٍ بعيد.
ومما جاء عند ميشولام في هذا الجانب قوله إنه شاهد عند قمة الحي اليهودي بيت دليلة Dalelah حيث يعيش شمشون[33]. وإشارته لقصة شمشون ودليلة هي إشارة إلى الصراع القديم بين الفلسطينيين واليهود، وتتحدث هذه القصة الواردة في أسفار العهد القديم، والتي جرت حوادثها في مدينة غزة، عن غرام شمشون اليهودي بدليلة الفلسطينية. والحكاية على النحو الآتي: كانت أم شمشون قبل ولادته عاقرًا، لكن ملاك الرب بشرها بأنَّها ستلد غلامًا، وهذا الغلام سيخلص بني إسرائيل من الفلسطينيين الذين كانوا أسياد المدن في جنوب فلسطين ويقطنون في غزة وأسدود وعسقلان وعقرون وجت. وعندما حملت المرأة اليهودية ثم ولدت ذاك الغلام دعته باسم «شمشون». ونشأ شمشون جبارًا، فكان يحرق زروع الفلسطينيين في عسقلان، ويسلب أمتعتهم، ويقتل بعضهم ويبطش بالآخرين. وقد استقر شمشون في غزة، وهناك تعرف إلى فتاة غزية تدعى «دليلة» ووقع في غرامها، وتزوجها خلافًا لإرادة والديه. أما دليلة فكانت تعد العدة مع قومها الفلسطينيين للانتقام من شمشون «الجبار»، وعلمت بالتدريج أن سر قوة شمشون يكمن في شعر رأسه، فأخبرت قومها بذلك، واحتالت عليه بالنوم على ركبتيها. وعند ذلك هجم قوم دليلة عليه وقصوا شعره وفقأوا عينيه وأوثقوه بالسلاسل، واعتقدوا أنَّهم تخلصوا من بطشه وشره. وفي أثناء إقامته في السجن مكبلًا بالسلاسل راح شعر رأسه ينمو رويدًا رويدًا. ولم يطل الوقت كثيرًا حتى استرجع شمشون قوته. وبينما الفلسطينيون يحتفلون بالإله داغون (إله القمح) ويمرحون في المعبد وعددهم يربو على ثلاثة آلاف رجل وامرأة، عمـــد شمـــشون إلى جذب السلسلتين اللتين توثقان ســـاعديه، وكانتا مربوطتين إلى عمودين من أعمدة المعبد، وفي تلك اللحظة انهار المعبد على الرؤوس، وقتل كثيرين بينهم شمشون نفسه.([34]) ويرى أحد الباحثين أن الدلالة في تلك الأسطورة تكمن في أن فكرة التفوق للعنصر العبراني، ربما تجسدت في هذه الصورة التي تداعتها ذاكرة الرحالة اليهود بمجرد وصولهم غزة([35]).
الوصول لحبرون وبيت لحم:
على أية حال، مكث ميشولام مع القافلة في غزة حتى يوم الاثنين 27 من يوليو 1481م/ 886هـ وفي اليوم نفسه التقوا في غزة مع نائب حبرون، الذي كان في صحبته أكثر من مئتين من الخيول ورجالها، فذهبوا في حمايته[36].
وصل ميشولام ابن مناحم حبرون([37]) التي تقع في وسط فلسطين وتبعد نحو 35 كم باتجاه الغرب، وتناولها بالوصف، وذكر أن حبرون لا تختلف عن غزة، سوى أنها في وادٍ ليس حولها أسوار، وأشار إلى أنها في وادٍ رحب وخصيب. وقال رحالة آخر عن ذلك الوادي الخصب أن كله عمارة حرث وقرىً ونسل، وكل جبال الأرض المقدسة عمارة بخلاف جبال الحجاز..."([38]) وقال أيضًا "... وكل جبل الخليل بوادي حبرون الغالب فيه شجر الزيتون والعنب والزرع والقمح، وكله حجارة، ولكن أرض البركة تعم أهلها بالزرع والفواكه..."([39]) وذكر أن بين الخليل وبيت المقدس من ضحوة إلى نصف... وكلها عمارة وقرىً..."([40]) وقال "... وبلاد القدس والخليل وجبالها خضراء... وفيها الماء والعيون والعمائر والأشجار..." ([41]).
كما ذكر أن مدينة الخليل بها ثلاثمئة وستون قرية للحرث والزرع والإطعام، فاقتصاد بلاد الخليل يعتمد أساسًا على الزراعة، وكانت بلاد الخليل مضطرة للاعتماد على مواردها الذاتية للحصول على الغذاء مثل القرى الريفية المجاورة، وذلك من نتاج الأراضي الزراعية القريبة منها، التي أشار إليها ابن الصباح([42]) وميشولام على حد سواء.
وفي حقيقة الأمر، فإن التراث الديني يشهد بكثرة الإنتاج الزراعي لبلاد الخليل، فكثيرا ما نقرأ في كتب الرحالة عن حقل دمشق الذي يفيض بخيرات عميمه من الثمار، وكلما أخذ منه امتلأ من جديد، ورغم تغلب الجانب الأسطوري على هذا الاعتقاد فإنَّه يؤكد خصوبة أرض بلاد الخليل. واللافت للنظر أن ذلك الأمر، أي الاعتقاد بالخصوبة في بلاد الخليل، ورد في الفكر اليهودي والمسيحي والإسلامي على حدٍ سواء بمباركة الله عز وجل لهذه الأرض، وكانت هذه الفكرة محور كتابات الذين عنوا بالكتابة التاريخية وغير التاريخية لدى أصحاب الديانات([43]).
[1])H: SAVAGE. "pilgrimages and pilgrim shrines in Palestine and Syria after 1095 Pennsylvania،1977،vol 4،p.36
[2] ). Meshullam Ben manahem (1930)،Itinerary of Rabbi meshullam ben menahem of 1481 (ed) Adler،in J T، (London)،p.172
[3] ) Meshullam،ibid،p.208
[4] ) جدير بالذكر أن ميشولام يهودي مثله مثل باقي اليهود، حين يتحدث عن القدس يقول " أورشليم" ولم يقل القدس، وليس بخاف على أحد الغرض اليهودي من استخدامهم لفظ "أورشليم".
[5] ) تحدَّث عنه في تتبعه لأخبار الإسكندرية p. 163، Meshullam،op.cit وكذا في تتبُّعه لأخبار القاهرة p. 167،ibid وعند حديثه عن خروجه من سيناء إلى فلسطين وبعد وصوله إلى القدس p.187، ibid، 195.
[6] ) petachia of Retisbon، The Itinerary of Rabbi petachia،1174-1187A.D.، in:J. t.، ed. Adler، N.، London، 1930،pp.61-90.
[7])Samuel Ben Samson(1930)، Itinerary of Rabbi Samuel Ben Samson،، 1210 A. D.، in: J.T ed. Adler، N.، London،،pp. 103-110
[8] ) Meshullam،op.cit،p.208 فقد شرح في نهاية الرحلة المسافات التي قطعها بالميل والمسافة بين كل بلد وأخرى.
([9]) see: PoPper.W،. Egypt and Syria under circassian sultans 1382-1468 A.D. systematic notes to ibn tagri Bardi، s chronicale of Egypt، 2 vols، Berkeley university of California، press، 1955-1957، vol 1، p.47.
[10] ( Meshullam،op.cit،p.182
([11]) mace وهو قضيب شائك استخدم لكسر الدروع في العصور الوسطى.
[12] ( Meshullam،op.cit،p.183
[13] ( Meshullam،op.cit،p.183
[14] (ibid،p.184
[15] ( Meshullam،op.cit،p.180
([16]) على السيد، طريق القوافل القاهرة – دمشق عصر الحروب الصليبية، ندوة طرق التجارة في العالم العربي عبر العصور باتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة، 2007م، ص 472.
[17] ( Meshullam،op.cit،p.180
[18] ( loc. Cit
([19]) Right، Thames، "the travels of Bertrandon de Brocqulere" (in) early travels in Palestine، London، 1969، p.286.
([20])Mandeville، The traveles of sir jgon Mandeville،new yourk،1895،p.33
([21])Fabri، Voyage en Egypte de Felix Fabri، (ed)masson.j، (paris)1975،vol III،p.794
([22]) ابن إياس، أبو البركات محمد بن أحمد، (ت. 930هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق محمد مصطفى، ط3، دار الكتب والوثائق القومية؛ (القاهرة)، 2008م، ج1، ق2، ص174.
([23]) تسببت الوفرة الإنتاجية من الكروم في انتشار صناعة النبيذ والخمور في دولة المماليك، وهي من الصناعات الواسعة التي لها أهمية في دراسة تاريخ مصر الاقتصادي والاجتماعي في العصر المملوكي (الأدفوي، الطالع السعيد، ص26؛ المقريزي، الخطط، ج1 ص382؛ ابن ظهيرة، الفضائل الباهرة، ص65؛ ليون الأفريقي، وصف أفريقيا، ص578؛ ابن مماتي، قوانين الدواوين ص239؛ ابن إياس، نزهة الأمم، ص246)؛ وكان يكفي السؤال عن سعر رطل العنب لمعرفة نشاط تعصير وتخمير العنب. (حياة الحجي، أحوال العامة، ص76) وقد أمدنا المؤرخون بطائفة من الأخبار عن انتشار عادة شرب الخمر، الأمر الذي يعد مقياسًا لما ساد المجتمع المصري خاصة في الفسطاط والقاهرة من روح اللهو والميل إلى المجون، ويبدو أن الأمر خرج عن الحد المعقول وأسرف الناس في احتساء الراح في الأعياد والحفلات وغيرها، وغالوا في المجون، فثارت نزعة إصلاحية من وقت لآخر لدى القائمين على أمور البلاد مثل الأمير آل ملك نائب السلطنة عام 744هـ، إذ منع الخمر وأمر بالمناداة لمن أحضر سكرانًا أو أحدًا معه جرة خمر خلع عليه؛ وأخذ كثيرًا من شاربي الخمر وباعته بناحية شبرا الخيمة ومنية السرج، وصب عليهم العذاب، ونادى من اشترى عنبًا بالقنطار قبض عليه. السلوك، ج2 ص646 وكسر الأمير يلبغا السالمي سنة 803هـ ما يزيد على ألف جرة خمر وتفيض روايات أخرى في مقادير الخمر التي أُتلفت ومحال بيعه التي أغلقت، والتي تشير جميعها إلى إقبال متزايدٍ عَلى صناعة الخمور وتناولها وقتئذ. (الخطط، ج3، ص211) إذ يشير المقريزي إلى أنَّه في عيد الشهيد، كان ينفق فيه من الأموال ما لا يحصر في مآكل ومشارب ويتجاهر الناس بشرب الخمر، ويجتمع أرباب الملاهي وأرباب الملاعبات من كل فن ويخرج الناس في تلك الليلة عن الحد في اللهو والفرحة. وكأنما كان الناس ينسحبون على منوال سادتهم؛ فقد خصص الناصر محمد خزانة البنود التي كانت من إنشاء الفاطميين لهذا الأمر وجلب إليها أسرى من الأرمن لعصر الخمر، حتى كانت تنتج هذه الخزانة في العام 32 ألف جرة خمر (الخطط، ج3ص211؛ السلوك ج2، ص646) هذه الأمثلة وأخرى غيرها كثيرة، تدلنا على أن صناعة الخمر كانت منتشرة في المدن الكبرى كالفسطاط والقاهرة والإسكندرية، ولعل وجود التجار الأجانب في الأخيرة ما يعلل انتشار الخمر بها حتى عجز الحاج آل ملك عن محاربة الخمر بها؛ لأن متحصل ضرائبها بالإسكندرية وحدها وصل 40000 دينار ( السلوك، ج2 ص646- 647). وأهم الأنواع المعروفة في عصر المماليك النبيذ من الكروم ويبدو أن استعماله كان مقصورًا بوجه خاص على أفراد الطبقة العليا من المجتمع، وكان الناس يشربون كذلك أنواعًا من الخمر مثل الفقاع والمزر والنيدة، وكان المزر والنيدة يصنعان من القمح أو الشعير، وكانوا يتخذون كذلك السكر من العسل (سعيد عاشور، المجتمع المصري، ص255؛ إسماعيل عبدالمنعم محمد، الأمراض الاجتماعية بين الطبقة الأرستقراطية المملوكية زمن المماليك البحرية، رسالة ماجستير بآداب عين شمس،1988م، ص69) فالدلائل تشير إلى شغف مجتمع المماليك بشرب الخمر والإسراف في مناسباتهم الخاصة وولائمهم، بل اعتادوا أن يتهادوا بها في أفراحهم؛ ففي حوادث عام 779هـ جاء "... أن الأمير قرطاي تزوج بابنة الأمير أينبك... فلما كان يوم الأحد عشرينه (المحرم) حمل الأمير أينبك تقدمه برسم عرس الأمير قرطاي، وجهزها إليه... ومن جملتها عدة جرار خمر... فقدمت إليه فقبلها، وخلع على محضرها، وجلس للشرب مع أصحابه من الخمر الذي بعث به إليه أينبك...". بل أصبحت الخمور ضرورية من ضروريات المناسبات الخاصة بالأرستقراطية المماليكية، ولجأوا إلى إحضار أكبر كمية منها في أفراحهم إلى فرضها على كبار منتجيها من اليهود والنصارى المقريزي، السلوك، ج3، ص305، ج4، ص121، 201.
[24] ( Meshullam،op.cit،p.180
([25])Fabri،op.cit،vol III،p.794
[26] ( Meshullam،op.cit،p.180
([27])Fabri،op.cit،vol III،p.794
([28]) لم يذكر عوبديا أي شيء عن عدد اليهود أو الوجود اليهودي بغزة.
Obadiah Jara Da Bertinoro، Itinerary of Obadiah 1487-1490AD، in J.T. (ed) Adler (London) 1930،p. 232.
([29]) Meshullam،op.cit،p.181.
[30]) ينظر حول هذا الأمر:
Hutteroth، Dieter Wolf And Abdul Fatah، Kamal; Historical Geography Of Palestine Transjordan And Southern Syria In The Late 16 Century، Erlangen، 1977، Pp. 142-151.
وهذه الدراسة لكمال عبد الفتاح وديتتر هوثروث وولف، تبحث في الجغرافيا التاريخية لفلسطين والأردن وسوريا في أواخر القرن 16م، ولكنها تأتي بتمهيد تاريخي يفهم منه ما كان قبل فترة الدراسة.
([31]) Bertrandon de Brocqulere،op.cit،، p. 291.
([32]) جاءت في الدفتر العثماني بالصيغة الآتية: يهود: خانة 95 ومجرد لا شيء. سمرة خانة 25، ومجرد لا شيء. وخانة أي أسرة أما مجرد تعني فرد، وسمرة تعني السامرة، انظر:
Bernard، Lewis، "Notes and Documents from the Turkish Archives" studies in classical and Ottoman islam، London، 1976، p5.
[33]) Meshullam،op.cit،p.181.
([35]) علي أحمد السيد، اليهود في شرق المتوسط في القرن الخامس عشر الميلادي، دار عين (القاهرة)، 2009م، ص 55.
[36] ( Meshullam،op.cit،p.185
([37]) حبرون اسم القرية التي بها قبر إبراهيم عليه السلام، وهي قرية ببيت المقدس وغلب على اسمها الخليل، ويقال حبرى، ويروى أن البناء الذي عليه من بناء سليمان ابن داود عليهما السلام (البغدادي: مراصد الاطلاع، 1: 376). وربما يكون اسم حبرون مأخوذًا من لفظ حبير عند العبرانيين التي تعني الصديق الحميم أو الخليل نسبة إلى الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد استخدم هذا الاسم وشاع استخدامه على سائر الأسماء بعد القرن 4هـ بين معظم المؤرخين والرحالة، وهو بلد الخليل أو بلاد الخليل التي استقرت التسمية عليها (ابن الفقيه: أبو بكر أحمد بن إبراهيم الهمذاني (ت: 340هـ/951م): مختصر كتاب البلدان، ليدن، 1302هـ، ص101؛ ناصر خسرو علوي، سفر نامة، ترجمة يحيى الخشاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (القاهرة)، 1993م، ص23- 36؛ العمري: مسالك الأبصار في ممالك الأبصار: دولة المماليك الأولى، دراسة وتحقيق دوريتا كرافولسكي، بيروت-المركز الإسلامي للبحوث، 1986م، ص211) وانظر المناقشة التي أوردها العبدري في رحلته عن سبب التسمية بحبرون (العبدري، محمد بن محمد بن علي بن أحمد، (ت. بعد سنة 700هـ)، رحلة العبدري، تحقيق، علي إبراهيم كردي، ط2، دار سعد الدين، (دمشق)، 2005م، ص463- 464 ).
([38]) أبو عبدالله الصباح (النصف الثاني من ق الثامن الهجري)، رحلته المعروفة بـ: أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار، نشر وتحقيق محمد بنشريفة، ط1، دار أبي رقراق، (الرباط)، 2008م، ص181.
([39]) ابن الصباح، الرحلة، ص183.
([40]) ابن الصباح، الرحلة، ص183.
([42]) لا يتسع المجال هنا لتتبع الحالة الاقتصادية لبلاد الخليل، وقد كفتنا بعض الدراسات مؤنة ذلك منها: علي أحمد السيد: الخليل والحرم الإبراهيمي عصر الحروب الصليبية، دار الفكر، (القاهرة)، 1998م ص331 - 340؛ كما أن دورنا هنا هو تناول ما ذكره ابن الصباح وتفسيره كلما كان لذلك داع، وذلك لأن المادة الواردة عند ميشولام عن ذلك مقتضبة.
([43]) Johne of wursbwrg،،Description of the holy land 1160-1170 A.D (ed) by Wilson، in:p.p.t.s v 5،London،1890،p p. 32، 59; Fabri، F. Voyage en Egypte de Felix Fabri، (ed)masson.j، (paris)1975، vol،II،p.226
؛ المقدسي: محمد بن أحمد بن البناء البشاري (ت. 380هـ)، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ط3، مكتبة مدبولي (القاهرة)، 1991م، ص173؛ ابن حوقل: ابو القاسم محمد ابن حوقل النصيبي (ت: 367هـ)، صورة الأرض، مكتبة الحياة، (بيروت)، 1979م، ص159؛ ابن الصباح، الرحلة، ص183.