هل كانت يَثْرِب مملكة؟
دراسة تاريخية لنشأة المدينة وتطورها قبل الإسلام
الأستاذ الدكتور عارف أحمد إسماعيل المخلافي
أستاذ التاريخ القديم بقسم التاريخ
كلية الآداب والعلوم الإنسانية -جامعة صنعاء
وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
خامسًا-هل وجد أي شكل من أشكال الدولة عند قدوم اليهود إلى يثرب؟:
قبل أن نجيب على هذا التساؤل، يجب أن نجيب أولًا على سؤال آخر وهو، من أين جاء اليهود إلى يثرب؟:
في الواقع اختلف المؤرخون -في القديم وفي الحاضر-في هذا الأمر اختلافًا كبيرًا. فيذكر السمهودي أن النبي موسى u حج ومعه أناس من بني إسرائيل ثم تخلف بعضهم في المدينة فنزلوا في موضع بني قينقاع، ثم دخل بعض العرب في ديانتهم[1].
وقد ربطت روايات الإخباريين بين وفاة النبي موسى u وبين بقاء اليهود في يثرب وجعلوا المعصية سببًا في ذلك. فبعد أن أرسلهم موسى u للقضاء على العماليق الباغين وملكهم "الأرقم" نجحوا في ذلك باستثناء ابن للأرقم أبقوا على حياته، ثم قرروا العودة وهو بمعيتهم إلى الشام ليقرر النبي موسى u أمره فيه، وصادف وصولهم وفاة نبيهم موسى، لكن بني إسرائيل رأوا في ذلك مخالفة لتعليمات نبيهم الذي أمر بقتل جميع القوم – كما يقولون -، وهو ما جعل بني إسرائيل في الشام يقررون عدم دخولهم إليها، فما كان من ذلك الجيش إلا أن عاد إلى يثرب وأقام فيها فكانوا أول من سكن المدينة من اليهود، بل أول من سكن الحجاز منهم[2].
والملاحظ أن هذه المصادر تشير إلى ملك للعماليق اسمه "الأرقم"، إلا أن المرجح أنه لم يكن أكثر من زعيم قبلي للعماليق، إن كان حقيقة أصلًا، خاصة أننا عرفنا سابقًا أن النقوش لم تشر إلى كيان رسمي ليثرب في أي وقت من الأوقات.
ويبدو أن هذه القصة لا تتفق مع العقل والتاريخ، فالأنبياء ليسوا دعاة تطهير عرقي يأمرون بقتل جميع الناس، فهي تؤكد لنا أن هناك خلطًا بين ما أشارت إليه التوراة من صدام بين بني إسرائيل والعماليق في سيناء، وبين وجود اليهود بعد ذلك في يثرب، والروايات المتعلقة بسكنى هؤلاء العماليق فيها، فالتوراة لم تشر إلى صراعهم مع أهل يثرب على الإطلاق[3].
وفي الواقع فإن هذه الروايات المعتمدة على الإسرائيليات والمستقاة من التوراة المحرفة، هي انعكاس طبيعي لما كرسه كُتّاب التوراة في أسفار توراتهم المحرفة والمتمثل في عقيدة التطهير العرقي لأعدائهم، ولكن إذا كان ذلك سلوكًا مألوفًا بالنسبة لهم، فإنه لا يمكن جعله منهاجًا لأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وإلى جانب ذلك هناك من يربط وصول اليهود إلى يثرب بعهد النبي داود u في القرن العاشر ق.م، وهي روايات يظهر فيها مقدار تأثرها بالإسرائيليات، وتحريف ما جاء فيها في سياقات متناقضة وأسطورية لا يجد المرء لها وجهًا ولا ظهرا[4]. ومن ذلك قولهم إن داود u وصل إلى خيبر، ثم غزا يثرب، وأنه قد أخذ من سكانها مائة ألف عذراء، وأن الله قد سلط الدود بعد ذلك عليهم فأهلكهم[5]، وقد أنكر عبد الباسط بدر قصة هذه الرواية برمتها؛ معللًا ذلك بأنه لم يقف على ذكر لها لا في المصادر العربية الأخرى ولا في المصادر اليهودية كذلك[6].
وتذكر المصادر الآشورية أن السامرة سقطت سنة 720 ق.م بعد حصار آشوري لها دام خمس سنين[7] وهذا ما جعل البعض يعيد وصول اليهود يثرب إلى القرن الثامن ق.م، وصحيح أن النصوص الآشورية تؤكد أن الآشوريين هجّروا كثيرًا من اليهود إلى مناطق مختلفة، إلا أن يثرب لم تكن من بينها ولم يرد شيء من ذلك في أي نص آشوري[8].
كما أن سقوط يهودا على يد الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني سنة 587 ق.م[9] قد جعل بعض المصادر تتخذ منه سببًا لوصولهم إلى يثرب في القرن السادس ق.م، وربطت ذلك بعملية السبي الكبير المشهور "بالسبي البابلي" الذي رافق حملة هذا الملك. ولكن على الرغم من حقيقة السبي البابلي إلا أن النصوص البابلية المرتبطة بتلك الحملة لم تشر إلى توطين اليهود في يثرب، بل حتى التوراة لم تشر إلى أي هجرة لهم إلى يثرب بعد سقوط يهودا[10]. وهناك من يرى كذلك قدوم اليهود إلى بلاد العرب مع الملك البابلي نابونئيد (556 – 539 ق.م) في القرن السادس ق.م[11]، ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله؛ بسبب أن اليهود في بابل تعاونوا مع الإخمينيين الفرس لإسقاطها سنة 539 ق.م، أي في عهد هذا الملك[12]، وهو ما يعني أنهم إلى نهاية عهده كانوا لا يزالون في بابل، وبالتالي فإنه لن يسمح لهم بالذهاب معه أو الهجرة؛ لأن بابل كانت تعتمد على خبراتهم في الحرف والصناعات.
وقد رأى بعض الباحثين احتمال هروب اليهود في هذه الفترة المضطربة وانتشارهم بشكل جماعات استقرت في مواضع المياه والعيون من وادي القرى وتيماء وخيبر إلى يثرب، وهناك من يرى وجود اليهود في يثرب منذ القرنين الأول والثاني الميلاديين، وخصوصًا بعد سيطرة الرومان على بلاد الأنباط في مطلع القرن الثاني الميلادي، وعلى يهودا في القرن نفسه، وبقاء بلاد العرب في مأمن من الرومان، فضلًا عن قربها وسهولة الوصول إليها. على أن هجرة اليهود إلى بلاد العرب التي عليها إجماع من كثير من الباحثين هي تلك التي رُجِّح حدوثها عام 70م عندما قضى الرومان على ثورة اليهود ضدهم في أورشليم وتدمير المدينة المقدسة وإحراق المعبد اليهودي، ثم تجددت ثورة اليهود بين عامي 132 و135م وانتهت بالقضاء تمامًا على كيانهم السياسي وبيعت النساء اليهوديات كإماء، وتشتت اليهود عمومًا، وهاجروا إلى أماكن يرجح أن يثرب كانت منها[13].
وقد ذكر السمهودي أكثر من عشرين بطنًا من بطون اليهود في يثرب، منها: بنو عكرمة، وبنو محمر، وبنو زعورا، وبنو الشظية، وبنو جشم، وبنو بهلول، وبنو عوف، وبنو القصيص (العصيص)، وبنو ثعلبة[14]. ويرى جواد علي أن هؤلاء اليهود لم يكونوا أعرابًا، أي بدوًا يتنقلون من مكان إلى مكان، بل كانوا حضرًا استقروا في الأماكن التي نزلوا فيها، ومارسوا مهن أهل المدر[15]، ويرى كذلك أن بعض القبائل اليهودية التي ذكر أسماءها الإخباريون، قبائل يهودية حقًا، هاجرت من فلسطين، وأن بعضًا آخر منها لم يكن من أصل يهودي، إنما كانت قبائل عربية دخلت في دين يهود، لاسيما القبائل المسماة بأسماء عربية أصيلة، كانت وثنية ثم تهودت[16]، ومن هذه القبائل: أقوام من بني الحارث بن كعب، ومن غسان، ومن جذام، ومن بلي[17].
وهذا برأينا يدل على أن الديانة اليهودية وصلت إلى يثرب قبل اليهود أنفسهم، وأن هجرة اليهود إلى يثرب نتيجة للظروف المختلفة المشار إليها آنفًا كانت لشعورهم بالأمان بين العرب المتهودين، ولم يكونوا هم طلائع الديانة اليهودية هناك.
ولأن المصادر قد فاضت بالحديث عن موضوع اليهود والقبائل اليهودية، فلا نرى داعيًا لإعادة تلك المعلومات بتفاصيلها، ولكن الأهم من ذلك أن علينا أن نناقش بعض الآراء التي يعتمدها ولفنسون والتي صارت مسلمات عند بعض الباحثين.
يذكر ولفنسون أنه "يجب ألا يغيب عن البال أن جهات يثرب ووادي القرى كانت غير آهلة بكثير من العرب، بل كانت جموع منهم تأتي إلى وديانها في أوقات معينة من السنة، كقوافل راحلة مع إبلها لتأكل من أعشابها ثم تنزح عنها إلى جهات أخرى"[18]. وهذا غير صحيح البتة بالنسبة ليثرب؛ لأنها كانت عامرة وبها شَعب كما يفهم من نصوص القرن السادس قبل الميلاد الخاصة بالملك البابلي نابونئيد الذي مكث في تيماء عشر سنين، وقاتل وأخضع جهات عديدة من بينها إياتريبو (يثرب) كما أشرنا سابقًا[19]، وكما يفهم من زواج أحد المعينيين من امرأة من يثرب وقد سبقت الإشارة إليه كذلك. والملاحظ أن ولفنسون في هذه النقطة سار على منهج المؤرخين اليهود الذين يعتبرون أن القدس كانت خالية من السكان وأن داود u هو من نزلها وبناها. وغرضهم من ذلك كما هو معروف، إظهار حق وتخيل تاريخ مفترض.
كما يذكر ولفنسون أن عدد اليهود في يثرب كان "كبيرًا بحيث يمكن اعتبارهم أمة قائمة بذاتها يصيبها من ضرورات الاجتماع ما يصيب غيرها وما يحدث بينها وبين أية أمة أخرى وبين من يجاورها من الأمم، ومع هذا فإننا نجد المصادر الإسرائيلية خالية من ذكر شيء من تاريخ اليهود في ذلك الدور، وساكتة عن التحدث عنهم سكوتًا تامًا"[20].
ويعيد جواد علي عدم ذكر يهود الحجاز في أخبار المؤلفين العبرانيين، إلى أن نشاط تأليف العبرانيين اقتصر على الاهتمام بالمستوطنات اليهودية في العراق وفلسطين وطبريا، ولم يتحدث هؤلاء عن اليهود في بلاد العرب على الرغم من اتصال اليهود بفلسطين وذهاب التجار اليهود إليها[21].
وفي الواقع إن اعتراف ولفنسون بسكوت المصادر اليهودية نهائيًا عن أي تأريخ لليهود في بلاد العرب يؤكد ما ارتأيناه سابقًا أن اليهودية هي التي وصلت إلى بلاد العرب قبل اليهود، فتهودت قبائل عربية ثم هاجر إليهم اليهود للاحتماء من بطش الرومان. أما سكوت المصادر اليهودية عنهم، فذلك يعني أنهم لم يكونوا بالكثرة الكمية، بل كانوا –في البداية على الأقل-قلة حاذقة اشتغلت بالتجارة، والزراعة، والحرف، فصار لهم صول وقول. وما يدل على ذلك أن ولفنسون نفسه أورد عن اليعقوبي (ت بعد 292هـ) أنه ينكر وجود طوائف يهودية كثيرة أصيلة في الحجاز، وأنه يعتقد أن أغلبها من العنصر العربي وأقلها من العنصر اليهودي[22].
والملاحظ أن ولفنسون قد اعتمد بعدًا تاريخيًا عميقًا متخيلًا لليهود أكثر منه واقعًا، وذلك من خلال إسقاط ثقافة يهودية طارئة على ذلك التاريخ المبكر المتخيل، تعتمد في الأساس على الأخلاق، والتقاليد، والأفكار؛ لنفي عربية بعض يهود يثرب، بل أصر على جعل آطامهم فكرة قدمت مع اليهود إلى يثرب، مع أن حصون العرب في جنوب الجزيرة العربية قديمة، وتعود إلى ما قبل الميلاد ومعروفة، وآثارها باقية حتى اليوم[23]، كما يصر ولفنسون على أن اندماج اليهود مع العرب قد أنهى صفاتهم المدنية التي لا تعرف القبلية، وفي الوقت نفسه يستشهد بقول السمهودي أن قبائل اليهود في بلاد العرب تنيف عن العشرين[24].
وخلاصة القول إن الديانة اليهودية وصلت يثرب قبل هجرة اليهود، وأن اليهود المهاجرين إلى يثرب لم يصلوها قبل القرن الأول أو الثاني الميلادي، وأنهم كقبائل مهاجرة لم يكونوا بالكثرة في بادئ الأمر، وإنما تكاثروا وقوي شأنهم بعد أمد طويل وبعد أن سيطروا على اقتصاد يثرب ومهنها.
كما نرى أن يثرب لم يكن فيها أي شكل من أشكال الدولة في ذلك الوقت، والدليل على ذلك أنهم انتشروا في بقاع عديدة، وقبلهم أهلها بكل هدوء، ولم يجدوا أي مقاومة رسمية، بل نجدهم يتخيرون أخصب البقاع وأفضلها.
وفي هذا الصدد تذكر المصادر أن ثلاث قبائل يهودية رئيسة كبرى هي التي لعبت دورًا كبيرًا في يثرب، وهذه القبائل هي، بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة[25]. وقد عاش هؤلاء وغيرهم في أخصب بقاع يثرب وأغناها، فإلى شمال وادي مهزور أقام بنو قريظة، وعند منتهى جسر وادي بطحان مما يلي العالية أقام بنو قينقاع[26]، وفي وادي بطحان أقام بنو النضير، وهو وادٍ فيه مياه غزيرة وعيون، واتخذوا به الحدائق والآطام وأقاموا فيها[27]، وتوزع الباقي على مناطق العوالي، وقباء، وحرة واقم، والعريض، وبالقرب من أحد[28]. ولذلك فقد كان بنو النضير زرّاعًا، وبنو قينقاع صنّاعًا ولهم سوق خاصة في يثرب يعرف باسمهم، وقد اختص بنو قريظة بحفر الآبار وغرس الأشجار. وبذلك استطاع يهود يثرب السيطرة على الزراعة، والتجارة، والصناعة، وهو ما أعطاهم المكانة في يثرب[29].
ويبدو أن اليهود كانوا يعيشون في خوف دائم، ولذلك بنوا لأنفسهم الآطام (الحصون) والقرى المحصنة ليقيموا فيها ويتحصنوا بها في أوقات الحروب، وخوفًا من نهب أموالهم وحاصلاتهم الزراعية[30]. وفي هذا الصدد يذكر السمهودي أن عدد آطام اليهود في يثرب كانت تسعة وخمسين أطمًا[31].
لقد تكلم اليهود العربية، وبعضهم تكلمها برطانة عبرية بسبب استعمالها في صلواتهم ودراساتهم[32]. وفي ذلك يقول البلاذري: "كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلًا، وكان بعض اليهود قد عَلِم كتاب العربية وكانت تُعلّمه الصبيان في المدينة"[33].
ويتضح من آيات القرآن الكريم في وصف اليهود أن أخلاقهم تقوم على الأنانية، والجشع، والبخل، والدس، والنفاق، وإلقاء الشكوك في نفوس الآخرين قصد البلبلة والتحكم، وتبرير كل وسيلة للوصول إلى الغاية والمنفعة، واستحلال ما في أيدي الغير، وعد أنفسهم غير مسئولين عن الأمانة لهم والوفاء بعهدهم[34].
وقد كان لليهود رؤساء قبائل يحكمون بينهم ويقيمون حدودهم عليهم، حتى جاء النبي محمد r إلى يثرب فكانوا يحكمونه بينهم وفق شريعتهم[35].
أما عن نشاطهم الاقتصادي، فقد اعتمد اليهود على التجارة ومعاطاة الربا والزرع، وتربية الماشية والدجاج، كما اشتهروا بالاتجار بالبلح، والبر، والشعير، والخمر، واشتغل بنو قينقاع بالصياغة والحدادة، كما اشتغلت نساؤهم بالنسيج. والكثير من هذه الحرف كان العرب يأنفونها ويزدرونها ويمقتونها[36]. ويذكر أوليري أن العرب لم يسمحوا لليهود بالزراعة التي تستلزم التجاوز والتخطي على مراعيهم، ولذلك اتجهوا إلى الحدادة، والصياغة، وصنع الأسلحة، فقبل العرب بذلك[37].
مما تقدم يمكن الإجابة عن السؤال الكبير الذي طرحناه حول ما إذا كان في يثرب دولة عند قدوم اليهود إليها من عدمه، حيث يستنتج أن يثرب كانت تجمعات قبلية تعايشت واتفقت واختلفت دون رعاية رسمية يمكن أن تكون صورة للدولة، لا عند اليهود، ولا عند العرب، بل لا يوجد حتى ما يوحي بذلك أو يجعله محط احتمال.
خامسًا - دور الأوس والخزرج في يثرب:
يروي الإخباريون أن القبائل العربية من الأوس والخزرج قد هاجرت من اليمن إلى يثرب على إثر حادث سيل العرم. وفي هذا الصدد يذكر اليعقوبي إن كاهنهم عمرو بن عامر تنبأ بانفجار السد فأمر قومه بالرحيل وسار متنقلًا إلى نجران ومكة وحاربه أهلُها، ثم توجهوا نحو يثرب فتخلف بها الأوس والخزرج أبناء حارثة بن عمرو بن عامر، ولحق بهم جماعة من الأزد غير ابني حارثة، فصار بعضهم حلفاء ودخل بعضهم معهم[38]، فوجدت هناك أن الأموال والآطام والنخيل في أيدي اليهود، فضلًا عن العدد والقوة، فأقام الأوس والخزرج مع اليهود، وعقدوا معهم حلفًا يأمن بعضهم إلى بعض، ويمتنعون به ممن سواهم[39].
وكما تقدم أن الإخباريين ذكروا أن هجرة الأوس والخزرج سببها تهدم سد مارب، ونظرًا لأن تهدمات السد المسجلة في النقوش ثلاثة بخلاف سيل العرم المذكور في القرآن، فكيف يمكن لنا أن نحدد تاريخ تلك الهجرة الكبيرة؟
يفهم مما ذكره الإخباريون أن تلك الهجرة حدثت إما في القرن الثالث الميلادي، أو أواخر القرن الرابع الميلادي، أو في القرن الخامس الميلادي[40].
وإذاما عدنا إلى النقوش سنجد أن هناك انفجارات ثلاثة مسجلة، وأنها حدثت قبل الانفجار الكبير المذكور في القرآن الكريم باسم "سيل العرم" المرجح حدوثه بعد منتصف القرن السادس الميلادي. والانفجارات الثلاثة المسجلة التي يمكن القياس عليها هي:
انفجار حدث في حوالي منتصف القرن الرابع الميلادي في عهد الملك "ثأران يهنعم بن ذمار علي يهبر"، وقد سجل في النقش المعروف باسم (جام 671 / Ja 671) وذكر أنه تم إصلاحه في حوالي ثلاثة أشهر. أما الثاني فيعود إلى عهد الملك "شرحبيل يعفر بن أبي كرب أسعد" وذلك بين عامي 449 و450 بعد الميلاد، وسجل ذلك في النقش المعروف باسم (المدونة 540 / CIH 540)، وذكر أنه تم إصلاح ما تهدم من السد في حوالي خمسة أشهر من العمل المتواصل وأنه اشترك في بنائه عشرون ألفًا من السواعد اليمنية الفتية. أما الانفجار الثالث فحدث في عهد أبرهة الحبشي ويؤرخ بسنة 542 بعد الميلاد، وقد سجل في النقش المعروف باسم (المدونة 541 / CIH 541) ويتحدث بالتفصيل عن ضخامة العمل والأموال الطائلة التي صرفت عليه، كما يرجح د. يوسف عبد الله، أن الانفجار الأخير الذي ذكر في القرآن الكريم قد حدث في منتصف القرن السادس الميلادي، أي بعد منتصف عام 550م[41]. قال تعالى في سورة سبأ: ﴿ فأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)﴾. أما جواد علي، فيرى أنه حدث سنة 575م[42].
ولكن يبدو أن الآراء تتجه بتلك الهجرة إلى أواخر القرن الرابع الميلادي[43]، وإذا ما جعلنا ذلك فرضًا محتملًا، فإن تلك الهجرة سيكون حدوثها في منتصف القرن الرابع الميلادي وليس في أواخره، وذلك بناء على نقش (جام 671) المشار إليه آنفًا، وهو ما نرجحه.
على أي حال، حل الأوس والخزرج في يثرب وسرعان ما أصبحوا أعز أهلها، واتخذوا الديار والأموال والآطام[44]، إلا أنهم عند وصولهم لم يجدوا دولة هناك تتعامل معهم رغم كثرتهم وكتلتهم البشرية الكبيرة، ولا حتى التدخل لحل أو تهدئة الاضطرابات والصراعات التي تلت وصولهم إلى يثرب.
فعندما وصل الأوس والخزرج إلى يثرب كانت علاقتهم باليهود طيبة في بادئ الأمر، فاستقروا وأوجدوا لأنفسهم معاشًا وهيئوا لحياتهم سبل الاستقرار، لكن يبدو أن اليهود تنبهوا لهذا الأمر ونظروا إليه كخطر ينمو أمام أعينهم، فبدأوا بالقضاء على تحالفهم معهم، ثم ناوشوهم واعترضوا نمو قدراتهم، ولعل أصل الصراع هو المنافسة الاقتصادية التي رأى اليهود أن قوة العرب سببها تحولهم إلى مزارعين وتجار ينافسون اليهود[45].
وتذكر بعض الروايات أن الأوس والخزرج دخلوا في خلاف مع اليهود في مبدأ قدومهم إلى يثرب، فاستجابوا لهذا الوضع وقاتلوهم حتى تدخل أحبار من اليهود وأوقفوا الحرب، ولكنها تربط ذلك بتبّع، وتذكر قصة أخرى أنهم كذلك استنصروا ملك غسان فقُتِل الكثير بخديعة، فصار الأوس والخزرج أعز أهل المدينة[46].
وتُرتبط قصة الاستنصار بالغساسنة في موضوع الصراع بين العرب واليهود بقصة أسطورية لشخص اسمه "الفيطون" الذي قُتل على يد مالك بن العجلان زعيم الخزرج، وما تلاه من قتل جماعي لليهود علي يد الغساسنة الذين استنصرهم العربُ، ومن خلال مكيدة مدبرة، وأن مقتل الفيطون قد تسبب بحرب عظيمة بين اليهود والعرب، وكان اليهود قد اجتمعوا من الحجاز وتيماء وفدك، فقاتل العربُ اليهودَ بدعم من الغساسنة وهزموهم[47].
لكن عددًا من المؤرخين شككوا بهذه القصة وبشخص الفيطون نفسه كملك؛ لأنه لم يكن لليهود ملك في يثرب، ولا في غيرها، بل ونفوا ما يخص الجانب الأخلاقي منها تحديدًا والمتعلق بضرورة أن يفض الفيطون بكارة العذراء قبل أن تدخل على زوجها؛ لأن شخصية العربي لا تقبل مضمونها ولا تتهاون فيها[48] حتى إن السمهودي نفسه قد أنكر حقيقة مضمون هذه القصة في العرب، ويذكر أنها كانت في غير الأوس والخزرج، وأن الفيطون أراد فعل ذلك بنساء الأوس والخزرج عندما نزلوا يثرب، سيرًا على عادته، فتسبب ذلك في مقتله[49].
وخلاصة القول في موضوع الصراع الوارد في هذه القصة، أن المعلومات المرتبطة به تحكمها الروايات الأسطورية المتداخلة بشكل يصعب معه التقاط سياق موضوعي متصل وواقعي، ولذلك يقر الباحث بعدم واقعيتها ويتفق في هذا الرأي مع من سبقوه.
وعلى الرغم من ذلك سنجد أنفسنا من جديد أمام شكل آخر من أشكال الصراع، ولكن ليس بين العرب واليهود، وإنما بين العرب أنفسهم وبتحريض يهودي معلوم، وقد حدث ذلك دون أن تذكر المصادر ملكًا يتدخل أو دولة تسعى لحفظ الاستقرار.
فقد بدأ النزاع بين الأوس والخزرج تنافسًا على السلطة وتنازعًا من أجل السيادة، وكانت بينهما حروب دامت مائة وعشرين عامًا، وبدأت هذه الحرب بحرب سُمير وانتهت بيوم بُعاث التي حدثت قبل الإسلام بخمس سنين، وكانت آخر المعارك بين الطرفين. فقد تمكن الأوس من السيطرة على المناطق الخصبة بنزولهم إلى جانب يهود بني النضير وبني قريظة على وادي مهزور ومذينيب، وهو ما جعلهم أحسن حالًا من الخزرج، ولذلك شعر الأوس بقوة مركزهم الاقتصادي ورأوا أن ذلك يعطيهم حق الزعامة، في حين كان الخزرج يشعرون بتفوقهم السياسي وبخاصة عندما تمكنوا بقيادة مالك بن العجلان من إخضاع اليهود للعرب يوم قتل مالكُ الفيطونَ كما تروي كتب الأخبار، فرأى الخزرج أن ذلك يعطيهم السيادة، وكان ذلك كافيًا لاندلاع الحرب الضروس بين الأوس والخزرج، هذه الحرب التي عمل اليهود على استمرارها، وخصوصًا عندما صار لهم الثقل واليد في يثرب بسبب ضعف العرب نتيجة الصراع فيما بينهم. وقد استخدم اليهود وسائل عدة لتأجيج الحرب وضمان استمرارها، كوقوفهم على الحياد ورفضهم قبول دعوات التحالف معهم كما فعل يهود بني قريظة عندما طلب منهم الأوس التحالف معهم ضد الخزرج، كما قاموا بتوسيع شقة الخلاف بين المتنازعين وتأجيج مشاعرهم[50].
ومما ينبغي ذكرهُ أن أيام الحروب التي دارت بين الأوس والخزرج عديدة، وبعضها دارت على مراحل وفي أيام مختلفة، وهذه الحروب الرئيسة هي:
حرب سُمير وهي أولى الحروب بينهما ويرجح وقوعها سنة 504م، وحرب كعب بن عمرو، ويوم السَّراة، وحرب الحصين بن الأسلت، ويوم الربيع، وحرب فارع، وحرب حاطب، ويوم بُعاث، وهي آخر تلك الحروب ويرجح وقوعها سنة 617 م[51].
نتائج البحث:
مما تقدم يمكن إجمال نتائج البحث بالآتي:
1-اسم يثرب وجد منذ بداية التأسيس على هذا النحو، ولا صحة لوجود أصل بابلي له، وإنما يوجد نطق بابلي للاسم العربي.
2-وجود شواهد على استيطان بشري مبكر في منطقة المدينة، يسبق نشأة مدينة يثرب ذاتها، ولكن يصعب تحديد تاريخ دقيق له حتى الآن.
3-نشأت يثرب مع نشأة الطريق التجاري القديم في الجزيرة العربية منذ حوالي الألف الثاني ق.م، كغيرها من مدن القوافل التي كانت الطريق التجارية سببًا في وجودها.
4-لم تتطور يثرب إلى دولة كباقي مدن القوافل، ولم تشر المصادر والنقوش إلى أي شكل من أشكال الدولة في يثرب.
6-لم نجد في المصادر ما يشير إلى ملك أو أمير ليثرب، باستثناء قصة "الأرقم" ملك العماليق الذي قتله اليهود، وقصة "الفيطون" ملك اليهود الذي قتله العرب، وهما قصتان أقرب إلى الأسطورة أكثر منها إلى الواقع؛ لأنه لو وجد ملوك لوجدت دولة يحكمها الطرف المنتصر أيًا كان.
7-دلت النقوش على وجود تواصل لجنوب الجزيرة العربية مع يثرب كمحطة تجارية، منذ القرن الرابع ق.م على الأقل، ومثال ذلك النقش الذي يتحدث عن زواج أحد المعينيين من امرأة من يثرب.
8-عندما ذكرت المصادر أن تبّعًا وصل إلى المدينة، لم تذكر أبدأ أنه تقاتل مع ملك أو احتل دولة، لكنها تتحدث عن قصته مع الأحبار اليهود الذين اعتنق ديانتهم.
قائمة المصادر والمراجع:
أولًا-المصادر والمراجع العربية والمعربة:
-أسكوبي، خالد محمد (وآخرون)، "المسوحات الأثرية في وادي العقيق جنوب المدينة المنورة، 1422 ه"، مجلة اطلال، المجلد 19، الرياض، 1427 ه. (ص 95-116)
-الأغبري، فهمي علي بن علي، التحصينات الدفاعية في اليمن القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد – كلية الآداب-قسم الآثار، بغداد، 1415ه/ 1994م.
-الأنصاري، عبد الرحمن الطيب (وآخرون)، العلا ومدائن صالح (الحجر)، حضارة مدينتين، دار القوافل للنشر والتوزيع، ط/2، الرياض، 1425 ه – 2005م.
-الأنصاري، عبد القدوس، آثار المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط/3، المدينة المنورة، 1393ه – 1973م.
-أوليري، دي لاسي، جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة: موسى علي الغول، ط/1، عمان، وزارة الثقافة، 1990.
-بدر، عبد الباسط، التاريخ الشامل للمدينة المنورة، الجزء الأول، ط/1، المدينة المنورة، 1392ه-1972م.
-البلاذري، أحمد بن يحي بن جابر البغدادي، فتوح البلدان، تحقيق، عبد الله أنيس الطباع، عمر انيس الطباع، بيروت، مؤسسة المعارف، 1407ه/ 1987م.
-بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، ترجمة: السيد جاد، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1439 ه – 2017م.
-جاد المولى بك، محمد أحمد (وآخرون)، أيام العرب في الجاهلية، صيدا – بيروت، المكتبة العصرية، (د.ط)، (د.ت).
-الحمراوي، محمود الزراعي، "أتريبو (يثرب) الاسم القديم للمدينة"، تاريخ وحضارة المدينة المنورة عبر العصور، ج/1، الجمعية التاريخية السعودية، الرياض، 1431ه-2010م، ص 25-26. (ص13-37).
-الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، المجلد الخامس، بيروت، دار صادر، 1397ه-1977م.
-الخطراوي، محمد العيد، المدينة في العصر الجاهلي، الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية، دمشق، مؤسسة علوم القرآن، ط/1، 1403ه – 1982.
-الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، نقوش جبل أم جذايذ النبطية، دراسة تحليلية، ط1، الرياض 1422/ 2002م.
-الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، مدونة النقوش النبطية في المملكة العربية السعودية، مج 2، الرياض 1431 ه.
-الرويثي، محمد (وآخرون)،"الموارد المائية"، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998، ص 70 (ص 64 – 102)
-الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس، ج14، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، مطبعة دولة الكويت، الكويت، 1394 هـ / 1974م. مادة "وثر" ص 346 –349.
-السعيد، سعيد بن فايز إبراهيم، "زوجات المعينيين الأجنبيات في ضوء نصوص جديدة"، أدوماتو، العدد 5، الرياض، 1422ه-2002م. (ص 52 – 73)
-السعيد، فايز السعيد، حملة الملك البابلي نبونيد على شمال غرب الجزيرة العربية، بحوث تاريخية محكمة، تصدرها الجمعية التاريخية السعودية، الإصدار الثامن، الرياض، 1421 ه – 2000م.
-السمهودي، علي بن عبد الله بن أحمد، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1392ه-1972م.
-السمهودي، نور الدين علي بن أحمد، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، اعتنى به ووضع حواشيه، خالد عبد الغني محفوظ، المجلد الأول، الجزء الأول، بيروت، دار الكتب العلمية، ط/1، 1427ه-2006م.
-السناني، رحمة بنت عواد: "دراسة وصفية تحليلية لمجموعة من الرسوم الصخرية في منطقة المدينة المنورة"، دراسات في علم الآثار والتراث، العدد 4، مجلة تصدرها الجمعية السعودية للدراسات الثرية، بالرياض، محرم 1434ه/ ديسمبر 2013م. (ص 17 – 72).
-السيد، ناصر، يهود يثرب وخيبر، الغزوات والصراع، بيروت، المكتبة الثقافية، ط/1، 1412 هـ-1992م.
-شاهين، رياض مصطفى أحمد، "النشاط الاقتصادي لليهود بالحجاز في الجاهلية وفي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم"، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد 12، العدد 2، غزة –فلسطين، 2004م. (ص 21-58).
-الشريف، أحمد أبراهيم، مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، القاهرة، دار الفكر العربي، ط/1، 1424هـ-2003م.
-الشريف، عبد الرحمن، "التضاريس"، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998، ص 32. (ص 31 – 48).
-شمس الدين، إبراهيم، مجموع أيام العرب في الجاهلية والإسلام، بيروت، دار الكتب العلمية، ط/1، 1422هـ – 2002م.
-الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، القاهرة، دار المعارف بمصر، (د.ت).
-طيران، سالم: "نقشا مأسل الجمح"، ماسل، تصدر عن قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود، الرياض، 1420هـ-1999م.
-ظاظا، حسن، "المجتمع العربي القديم من خلال اللغة"، بحث نشر في كتاب، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية، ج 2، مج 2: الجزيرة العربية قبل الإسلام، أعمال الندوة العالمية الثانية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية (1397هـ/ 1979م). مطبعة جامعة الملك سعود، الرياض 1984. (ص 177 – 186).
-عبد الله، يوسف محمد، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بحوث ومقالات، بيروت، دار الفكر المعاصر، ط/2، 1411/1990.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 1، ط/2، بغداد، 1413هـ-1993م.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 4، ط/2، بغداد، 1413هـ-1993م.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 6، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م.
-عوض الله، أحمد أبو الفضل، مكة في عصر ما قبل الإسلام، الرياض، دارة الملك عبد العزيز، ط/2، 1980.
-أبو الغيث، عبد الله، العلاقات السياسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها من القرن الثالث حتى القرن السادس للميلاد، ج/2، صنعاء، وزارة الثقافة والسياحة صنعاء، 1425هـ، 2004م.
-المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العراق وبلاد الشام، صنعاء، المنتدى الجامعي للنشر والتوزيع، ط/1، 1423هـ/ 2002م.
-المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العلاقات بين العراق وشبه الجزيرة العربية، منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وحتى منتصف الأول قبل الميلاد، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، ط/1، 1418ه/ 1998م.
-مهران، محمد بيومي، دراسات في تاريخ العرب القديم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
-ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: محمد شحاتة إبراهيم، المجلد الأول، ج/1، القاهرة، 1990.
-الوكيل، محمد السيد، يثرب قبل الإسلام، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، ط/2، 1409هـ/1989.
- ولفنسون إسرائل، تاريخ اليهود في بلاد العرب، في الجاهلية وصدر الإسلام، ترجمة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، مطبعة الاعتماد، 1345هـ -1927م.
-اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، تحقيق، عبد الأمير مهنا، المجلد الأول، بيروت، شريكة الأعلمي لمطبوعات، ط/1، 1431/ 2010م.
ثالثًا-المراجع غير العربية:
- Bron، F. Inventaire Des Inscriptions SudarabiQues. Tome 3، MAͨῙN، Fascicule A: Les Documents.Diffusiom De Boccard. Paris، 1988.
-Corpus Inscriptionum Semiticarum. Pars Quarta، Inscriptions Himyariticas et Sabaeas Continens. Toms ، III، Parisiss، 1929. (CIH)
- Ephal، I،The Ancient،Arabs،1984
- Gadd،C.J،"The Harran Inscriptions of Nabonidus"،Anatolian studies،London.1958.
Jamme،A.، Sabaean Inscriptions From Mahram Bilqis (Marib)، Publication of The American Foundation For The Study of Man. Baltimote، 1962. (Ja)
- Lukenbill.D.D، Ancient Records of Assyria and Babylonia، (ARAB). Vol.2.Chicago. 1927.
- Oppenheim.A،L، “Babylonion and Assyrian Historical Texts”، In، Prichard، Ancient Near Eastern Texts Relating to The Old Testament، New Jersey، 1969.
- Ryckmans، G. Inscription Sud-arabes، Dixie̍me Se̍rie، xxxxiv.Inscriptions relevees en Arabie Sa،udite Le Museon، 66 ،1953. PP. 267-317.
[1] -وفاء الوفاء، 1/ 126.
[2] -ياقوت، 5/84 (مادة مدينة)، وفاء الوفاء، 1/ 127-128، مهران، ص 437. عددت المصادر أسبابًا لاختيار اليهود يثرب مكانًا ينزلون فيه. حول ذلك انظر، وفاء الوفاء، 1/ 128-130،
[3] - انظر المناقشة التفصيلية المهمة لهذه النقطة في مهران، ص 438-444.
[4] -وفاء الوفاء، 1/ 126، السمهودي، علي بن عبد الله بن أحمد، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 1392ه-1972م، ص 155.
[5] -وفاء الوفاء، 1/ 126.
[6] -التاريخ الشامل، 1/ 22.
[7] -المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العراق وبلاد الشام، المنتدى الجامعي للنشر والتوزيع، صنعاء، ط/1، 1423ه/ 2002م، ص125.
[8] - انظر، مهران، ص 447.
[9] -المخلافي، العراق وبلاد الشام، ص 243.
[10] -انظر، مهران، ص 447.
[11] -المفصل، 4/ 513.
[12] -المخلافي، العراق وبلاد الشام، ص 155.
[13]-انظر، مهران، ص 448 -449.
[14] -وفاء الوفاء، 1/ 130 – 132.
[15] -[15] -علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، الجزء السادس، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م، ص 522.
[16] -المفصل، 6/ 524-525.
[17] -انظر مهران، ص 452.
[18] -ولفنسون، إسرائل، ولفنسون، تاريخ اليهود في بلاد العرب، في الجاهلية وصدر الإسلام، ترجمة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، مطبعة الاعتماد، 1345هـ -1927م، ص 11.
[19] - Gadd،C.J، op.cit،PP.35-92.
[20] -ولفنسون، ص 11.
[21] -المفصل، 6/ 516.
[22] -ولفنسون، ص 15.
[23] -على سبيل المثال انظر، الأغبري، فهمي علي بن علي، التحصينات الدفاعية في اليمن القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد – كلية الآداب-قسم الآثار، بغداد، 1415ه/ 1994م.
[24] -للتعرف على رأي ولفنسون بالتفصيل انظر كتابه، ص 15 – 16، وبخصوص عدد قبائل اليهود، انظر، خلاصة الوفاء، ص 157.
[25] -الشريف، ص 245.
[26] -وفاء الوفاء، 1/ 130 – 131، الشريف، ص 246.
[27] -خلاصة الوفاء، ص 157 – 159، ياقوت، 2/446، المفصل، 6/ 523.
[28] -الشريف، ص 246.
[29] -الوكيل، محمد السيد، يثرب قبل الإسلام، دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة، ط/2، 1409ه/1989. ص 47، وانظر تفصيلًا وافيًا لدور اليهود الاقتصادي في، شاهين، رياض مصطفى أحمد، "النشاط الاقتصادي لليهود بالحجاز في الجاهلية وفي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم"، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد 12، العدد 2، غزة –فلسطين، 2004م. ص21-58.
[30] -الشريف، ص 215.
[31] -وفاء الوفاء، 1 132. وانظر تبعية تلك الآطام وأسماءها في المصدر نفسه ص130 – 132.
[32] -ولفنسون، ص 20.
[33] -البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي، تحقيق، عبد الله أنيس الطباع، عمر أنيس الطباع، مؤسسة المعارف، بيروت، 1407ه/ 1987م، ص 663.
[34] -الشريف، ص 252، المفصل، 6/ 43-35، وانظر الآيات في، سورة النساء 53-54، أل عمران 180-181 – البقرة 76، آل عمران 72، 99، 103، المائدة 41 – النساء 44-46، 50 – البقرة 100، آل عمران 75، 77.
[35]-المفصل، 6/ 535.
[36] -انظر، المفصل، 6/ 535 – 536.
[37] -أوليري، دي لاسي، جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة: موسى علي الغول، ط/1، عمان، 1990، ص 190.
[38] -اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، تحقيق، عبد الأمير مهنا، المجلد الأول، شريكة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط/1، 1431/ 2010م. ص 250.
[39] -ياقوت، 5/ 36، خلاصة الوفاء، ص 165، مهران، 455، المفصل، 4/ 129. وحول منازل الأوس والخزرج بيثرب انظر، خلاصة الوفاء، ص 165 – 177.
[40] -انظر، مهران، ص 457، زيدان، ص 151.
[41] -عبد الله، يوسف محمد، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بحوث ومقالات، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط/2، 1411/1990، ص 208.
[42] - المفصل، ج 10، ص 210.
[43] -انظر، مهران، ص 475.
[44] -ياقوت، 5/ 85 – 86.
[45] -الشريف، ص 268 – 274.
[46]-انظر، خلاصة الوفاء، ص 168 – 175.
[47] -السيد، ناصر، يهود يثرب وخيبر، الغزوات والصراع، المكتبة الثقافية، بيروت، ط/1، 1412 ه-1992م، 20 – 21.
[48] -وفاء الوفاء، ص 132، 142 – 143، مهران، ص 467 -468، المفصل، 4/ 134، ويذكر جواد علي أن ابن دريد في الاشتقاق اعتبر اسم الفيطون اسمًا عبرانيًا، وأنه تملك في يثرب، المفصل، 4 / 134، وانظر كذلك ولفنسون، ص 56 – 57، والغريب أن ولفنسون في الوقت الذي ينكر هذه القصة تمامًا، إلا أنه يعدها مجرد تبرير من الإخباريين لغدر مالك بن العجلان لجيرانه اليهود، وهو بذلك لا ينكر الواقعة وإنما ينكر الجانب الأخلاقي فيها، انظر، ولفنسون ص 57.
[49] -وفاء الوفاء، 1/ 143.
[50] -خلاصة الوفاء، ص 165 – 177، الوكيل، ص 138 – 144، 153 – 157.
[51] -حول تفاصيل هذه الأيام انظر، جاد المولى بك، محمد أحمد (وآخرون)/ أيام العرب في الجاهلية، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، (د.ط)، (د.ت)، ص 62 – 92، شمس الدين، إبراهيم، مجموع أيام العرب في الجاهلية والإسلام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/1، 1422ه – 2002م، ص59 – 134، الخطراوي، محمد العيد، المدينة في العصر الجاهلي، الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية، مؤسسة علوم القرآن، ط/1، دمشق، 1403ه – 1982، ص 154 – 186.