ما معنى هرمجدون؟
هذا السؤال وجه إيراده في سياق تاريخي أنه يصب في إطار النبوءات التاريخية المتعلقة بالمستقبل، والكلمة لفظ عبراني مركب من كلمتين هما: (هر – مجدون) ومعناها: تل أو جبل أو سهل أو وادي مجدون، وهو اسم لموضع في فلسطين، يقع في مرج ابن عامر على بعد 55 ميلاً شمال العاصمة الصهيونية تل أبيب، و20 ميلاً جنوب شرق حيفاً، و15 ميلاً من شاطئ البحر المتوسط، والكلمة منصوص عليها في العهد الجديد، كما جاء في سفر الرؤيا (16/16): "فجمعهم الى الموضع الذي يُدعى بالعبرانية هرمجدون"، والنبوءة التي اقترنت بهذا الموضع -كما يدعيها النصارى- فحواها أن هناك معركة فاصلة ستقع بين قوى الشر التي يمثلها في زعمهم الشيطان والمسلمون ومن انضم إليهم من المنشقين عن الكنيسة ومن بعض اليهود، وبين قوى الخير التي يمثلها المسيح بعد عودته مع قواته من الملائكة ومن يعاونه من أهل الخير من البشر، وسيكون النصر حليفاً لقوى الخير على الشيطان وأتباعه، وسيبقى المسيح مع أتباعه من الخيرين ألف سنة في الفردوس الأرضي، وأما موقف اليهود من هذه المعركة فإن العهد القديم لا يشير إليها، وإنما استثمروا فكرة هذه المعركة سياسياً لتوجيه الأحداث لصالحهم، وربما ادعوا أن (هرمجدون) هو نفسه يوم غضب الرب المذكور في التوراة، وتتوافق هذه العقيدة عند اليهود والنصارى مع فكرة نهاية التاريخ التي وضعها فرانسيس فوكوياما، وفكرة صدام الحضارات التي أحدثها صموئيل هانتجتون، واستغلها في سياق السياسة الدولية اليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة لتصب في خدمة الصهيونية العالمية، ولا ينبغي حين الوقوف عند هذه النبوءات المزعومة أن يتبادر إلى الأذهان التطابق بينها وبين أحاديث الملاحم الثابتة في السنة النبوية، سواء منها ما سيكون من معارك بين المسلمين والصليبيين أو ما بين المسلمين واليهود، فإن الأصل إبقاء دلالات الأحاديث النبوية على مقصود الشارع، وتنزيل النصوص على أمثال هذه الوقائع بناء على أخبار يغلب عليها الوضع كما هو شأن أخبار بني إسرائيل يفضي إلى التعسف في تكييف ما تدل عليه الأخبار النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.