حَضْرَمُوت
إعداد/ ملتقى المؤرخين اليمنيين
● الموقع.
تقع بين خط ٤٦°و٥٢°من خطوط الطول (غرينتش)، وبين خط ١٤°و١٨° من خطوط العرض (خط الاستواء).
● المساحة.
تُعّد من أكبر محافظات الجمهورية اليمنية، إِذ تبلغ مساحتها بحوالي 155,489 كيلومتر مربع، أي بنسبة ٢٩٪ من إجمالي مساحة الجمهورية اليمنية وهي 536,869 كيلومتر مربع.
● التسمية.
عُرفِّت قديمًا بالأحقاف استنادًا لقوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ}، ويرجع سبب تسميتها بحضرموت، لما ذُكِر من أنَّ عامر بن قحطان كان أول من نزل (الْأَحْقَافِ) بعد (عاد) فكان إِذا حضّر حربًا أكثّر القتل فيها، فأصبح يقال إذا حضر (حَضْرَ. مُوت). وهناك من يرى إنَّ اسم حضرموت هو اسم عبري معناه (قرية الموت)؛ لأنَّ هواءها كان ليس صحيًا بحسب ما ذُكِرّ في الأسطورة اليونانية أن رائحة شجرة اللُّبان كانت مميته.
● شهرتها.
تميّزت بشهرتها التجارية منذ القدم، فضلًا عن الأسر الحضرمية الشهيرة بالنشاط التجاري والعلمي ومنهم: آل المحضار، وآل السقاف، وآل عقيل ... الخ، وهي الأسر التي نزّحت إلى جاوة والملايو وجنوب إفريقيا، وجده، وعدن، فضلًا عن الهجرات الحضرمية إلى الهند والتي ترجع جذورها إلى ما قبل الميلاد ثمّ العهد الإسلامي والعصر الحديث، وترجع أسباب تلك الهجرات إلى: -
١) أسباب اقتصادية.
مثلّت عامل رئيسي وطاردًا لهجرة الحضارمة أبرزها الجفاف، إضافة إلى تنامي الأسر البرجوازية عقب الاستعمار البريطاني لعدن، والذي أثر في ضرب المنتجات المحلية واستبدالها بمنتجات وبضائع مستوردة أدى بطبيعة الحال إلى تعطيل المنتجين والحرفين. فضلًا عن ما تميز به الحضارمة بفنون ودراية بأمور البحر وحب المغامرة والهجرة.
2) أسباب سياسية.
ترجع إلى الانقسامات السياسية التي عانت منه اليمن على مدى تاريخها القديم والإسلامي والحديث، حيث من البديهي أن تؤثر تلّك الانقسامات على الحضارمة لما تميزوا به من إنهم أبناء مدن متحضرة ذو سلم وإصلاح وعمران؛ لذلك نجدهم في التاريخ الحديث رفضوا الرضوخ للإمامة الزيدية بعد طرّد العثمانيين عام ١٦٣٥م، نتيجة لما لحق هذا الإقليم من الاضطهاد والعزلة من قبل الإئمة بعدما اضطر الإقليم الاستسلام لسلطة الإئمة لفترة طويلة ليسفر عن ذلك تذمر أدى إلى هجرة أعداد كبيرة منهم، واستمرت تلك الهجرات تزداد في فترة تواجد الاحتلال البريطاني في الجنوب اليمني وبشكلٍ خاص إلى الهند والذي بلغ قرابة عشرين ألف حضرمي؛ نتيجة لما شكله نزوح الحضارمة إلى عدن قلقاً للاحتلال البريطاني لما تشكله عدن من موقع استراتيجي، فشجع الاحتلال البريطاني الحضارمة بالهجرة إلى الهند مع استقدامه من الهنود إلى عدن؛ لكي تتمكن من ربط عدن بمستعمرتها في الهند، ودراية من الاحتلال للعلاقات القديمة التي تربط الحضارمة بالهند والذي يرجع إلى التشابه في العبادات القديمة المتمثلة (بالقمر)، بتسمية الهند التي جاءت مشتقة من كلمة (أندو) والتي تعني القمر.
وفي الهند تمكّن الحضارمة حينها من التأثير في الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وتوغلهم في حيدر أباد (الدكن) وكجرات وساحل المليبار وساهموا في الدفاع عن الإمارات المسلمة وغيرها الرافضة للاستعمار البريطاني مما أدى بالحضارمة من كسب أعداد كبيرة من الهندوس إلى الإسلام.
3) أسباب اجتماعية.
كانت أبرز العوامل في نشر الدين الإسلامي وطلب العلم، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية نتيجة عدم الاستقرار الاجتماعي للصراعات في المشيخات والسلطنات بفترة التواجد الاستعماري في جنوب اليمن.
● الناحية الاجتماعية.
أولاً: العائلة.
عُرفت العائلة الحضرمية وعلى رأسها المرأة بالصبر والاقتصاد وهي سمّة تميز بها الحضارمة سواء في وطنهم أو في مهاجرهم، إِذ كانوا لا يستخدموا الأموال إِلاَّ بغرض ضروري مما مكنهم من تحقيق ثروات طائلة، وعلى الرغم مما مثلته المرأة الحضرمية من بناء أسرتها إِلاّ أنَّ العادات والأعراف الحضرمية كانت لا تسمح للرجل المهاجر المتزوج من اصطحاب زوجته إلى بلد المهجر الأمر الذي جعلهم في المهجر يكونوا عائلات جديدة.
ثانياً: طرق الزواج.
يتم حصر الزواج في إطار الأسر الحضرمية (الأقارب)، كما أنهّم كانوا يقبلون زواج أبناء السادة منهم إِلاَّ أنه يُحرم عليهم الزواج من بنات السادة.
أما طريقة الزواج عموماً فهي مشابهة للعادات اليمنية من خلال قيام أهل العروس بالتعرف على العريس (الشاب) من حيث سلوكه، في الوقت الذي يتم التعرف على الفتاة من قبل قريبات أهل العريس - أي أن الشاب لا يرى الفتاة.
ثالثًا: مظاهر الاحتفال.
يُعرف بيوم (الحناء) بإخراج العريس إلى الحارة وتلطيخه بالحناء، في حين يتم نقش الحناء في بيت العروس وتلبس الملابس الخضراء حتى يأتي يوم الزفاف تلبس العروس الملابس البيضاء لتبدأ مراسيم الاحتفال بدق الطبول والأهازيج ويستخدم العريس السيارة حتى يتجه إلى منزل العروس وكان بالسابق يستخدم الخيل، وبعد عقد الزواج من قبل القاضي يذهب العريس لمشاهدة العروس قبل أن يأخذها إلى منزله وقبل أن يراها يقرأ سورة من القرآن الكريم، وحينما يصل العريس إلى منزله مع العروس يواجه باب مغلق لا يفتحه إِلاَّ بعد إرضاء أخته الكبرى بإعطائها هدية ، ثّم يقرأ العروسان آية قرآنية .
رابعًا: القهوة والأطعمة الحضرمية.
أ - القهوة: تعتبر القهوة التي تصنع من البن اليمني المشهور والمخلوط بالزنجبيل والتي تقدم مع حبات التمر من العادات التي تمارس في حضرموت، أيضًا هناك الشاي المتميز في تحضيره من الماء المقطر بآلة تقطير خاصة تستخدم لتسخين الشاي.
ب - الأكلات الحضرمية: فهي طباخة اللحم (المضبي) أي اللحم الذي يوضع عليه البهارات والثوم ويطبخ على احجار ساخنة، وطباخة اللحم (المندي) باستخدام التنور المدفون في الأرض، وطباخة (القوزي) وهي أكله حضرمية عبارة عن خروف كامل دون تقطيع محشي بالأرز والزبيب، أيضاً (الهريسة) وهي لحم مهروس مع الذرة.
ج - المناسبات الروحانية في رمضان: يتم الترحيب بالشهر الفضيل في مساجد تريم قبل ستة أشهر من قدومه في نفس الوقت يعملون عند توديعه، إِلاَّ أنه حالياً تقدم التهاني والترحيب بالشهر الفضيل في النصف الأول من الشهر وفي النصف الثاني منه تتم عملية التوديع له، كما تفتح مساجد تريم من أول النهار في رمضان وحتى الليل ويتم تهيئتها للمصلين بالبخور.
د - المناسبات الدينية: تردد الأهازيج والرقصات الشعبية في الأعياد الدينية (عيد الفطر- عيد الأضحى) فتمارس الرقصات التراثية والتي تسمى (الشبواني) حيث يتجمع عدد من الناس على شكل حلقات ويرددوا الأهازيج ويمسكون العصا، وهناك رقصات والذي ما زالت قائمة حتى اليوم وهي الشرح ورقصة (الرزيح) والتي يمارسها الفلاحين حيث يشكلون دائرة كبيرة ويؤدون حركات تشبه الحركات العسكرية وترافق تلك الرقصة إيقاع الطبول والمزامير.
المصادر:
(1) داود، جرجس داود، أديان العرب قبل الإسلام ووجهها الحضاري والاجتماعي، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – بيروت، 2005.
(2) المقحفي، أحمد إبراهيم، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج1، دار الكلمة للطباعة والنشر - صنعاء،2002.
(3) النظاري، جمال حزام محمد، الهجرات الحضرمية الحديثة الى الهند – وتأثيراتها منذ بداية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، ط1، إصدارات مجلة الثقافة، 2012.
(4) الويسي، اليمن الكبرى - كتاب جغرافي جُيولوجي تاريخي، د. ط، مطبعة النهضة العربية – القاهرة، 1962.