أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر) من الفترة 1941 - 1945 م .. حركة المعارضة ضد الإمام يحيى وسياسته خلال 1941- 1945م .

أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر)  من الفترة 1941 -  1945 م

حركة المعارضة ضد الإمام يحيى وسياسته خلال 1941- 1945م.

 المقدمة:

نشأت المعارضة اليمنية منذ تولي الإمام يحيى حميد الدين حكم اليمن عام 1918م، حيث وجد النظام السياسي الرفض من شعبه منذ البداية رغم الاضطهاد الذي مارسه النظام الأمامي ضّد المعارضة ما بعد 1934م حتى أسكت معظم الأصوات؛ إِلاَّ إنَّ هذا الكبت شكل تحديًا للمعارضة أدى إلى تنظيم نفسها بشكلٍ منظم وصل إلى درجة التنظيمات السياسية واستخدام الصحافة.

-  أبرز الأحداث التاريخية لحركة المعارضة ضّد الإمام يحيى وسياسته خلال 1941- 1945م .

د. ابتسام الجرافي:

قبل الحديث عن هذا الموضوع لابد من ذكر الخلفية السابقة عن بدايات ظهور حركة المعارضة ضّد الإمام يحيى وسياسته وربطها بفترة 1941- 1945م والتي مهدت بدورها لإنقلاب 1948م الذي أطاح بالإمام يحيى.

كانت بداية تشكل حركة المعارضة ضّد حكم الإمام يحيى وسياسته قد ظهرت مع مبايعته بالإمامة عام 1904م، إذ رأى بعض العلماء والسادة أن الإمام يحيى ليس أهلا بالإمامة وهناك من هو أحق بها منه إِلاَّ إنه حسم الأمر لنفسه بمساعدة شيخ مشايخ حاشد الذي فرض مبايعة الإمام يحيى بالقوة.

وقد زادت المعارضة ضده بعد توقيع "صلح دعان" عام 1911م بعد أن أصبح حليفًا للأتراك ويتقاضى منهم مرتبًا شهريًا، وعقب توليه الحكم عقب انسحاب العثمانيين من اليمن 1918م، ظهر محمد المحلوي الذي انتقد سياسة الإمام، وكان كثيرًا ما يتحدث المحلوي عن التطور والتقدم الذي يشهده العالم. وزادت المعارضة لسياسة الإمام يحيى مع فشله في إدارة بعض الأزمات التي واجهت إدارته ومنها، حروبه مع الأدريسي وبريطانيا في جنوب اليمن بالإضافة إلى حادثة مجزرة "تنومة"، فلم يستطع أن ينتصر في أيٍ منها أو يرد لليمنيين اعتبارهم؛ بالإضافة إلى سياسته مع القبائل و "نظام الرهائن" الذي كان يهدف منه كسر شوكة القبائل وضمان ولاءها وفرض سيطرته على البلاد؛ الأمر الذ اعتبرته كثير من القبائل والمشايخ والأُسر انتقاص لقدرها ومكانتها مما أدى إلى زيادة عدد الناقمين والساخطين ضّد الإمام وسياسته و "ثورة الزرانيق" عام 1928م أحد الأمثلة على المعارضة التي اتخذت شكل مسلح وعصيان وتمرد ضد الإمام إِلاَّ إنّه قمعها بالقوة والقسوة معًا. كان رسالة لبقية القوى والقبائل من معارضة الإمام ومع ذلك كانت تظهر بين الحين والأخر حركة تمرد قبلية تندرج تحت معارضة سياسة الإمام يحيى بين الحين والآخر.

فرض الإمام يحيى سياسة العزلة على الشعب اليمني والانغلاق عن العالم الخارجي وهي السياسة التي سار عليها في سياسته الداخلية والخارجية، وكانت سياسته الداخلية ترتكز على الحكم الفردي المستبد، الأمر الذي كان يصعب معه ظهور حركة نهضة فكرية ثقافية في اليمن.

زادت الأمور سوءاً عندما هزم في حربين هما: الأولى في الحدود الشمالية مع "ابن سعود" والثانية في الحدود الجنوبية مع "بريطانيا"، واضطراره لتوقيع معاهدات مع بريطانيا و "ابن سعود" والتي عرفت باتفاقية الطائف 1934م. مما لاقت هذه المعاهدات تذمرًا لدى مختلف القوى اليمنية، وأدت إلى تشكل حركة المعارضة ضّد سياسة الإمام يحيى التي كانت ترى فشله في سياسته الخارجية، بالإضافة إلى فشله في إدارة الدولة في الداخل، وأدى ذلك إلى اتساع نطاق المعارضة التي تحولّت من الشكل الفردي إلى شكل جماعي خاصة مع قيام الإمام بتولية أبنائه المناصب العالية بدلًا عن أبناء الأُسر الكبيرة التي كان يخشى قوتها، فظهرت عناصر مستنيرة بعضها فردية وبعضها أُسرية وقبلية تطالب بالإصلاح السياسي وتطوير البلد بما ينسجم مع قواعد الدين الإسلامي.

كانت الحركات التي ظهرت في النصف الثاني من الثلاثينيات تدعو إلى الإصلاح والتطور والتقدم قاد هذه الدعوة محررو "مجلة الحكمة اليمانية" التي صدر عددها الأول في ذي القعدة 1357ه/ ديسمبر 1938- يناير 1939م الصادرة تحت إشراف وزير المعارف "السيف عبد الله بن الإمام يحيى" الذي كان يريد الظهور بمظهر المتحرر المحب للإصلاح والتقدم.

وكانت موضوعاتها متنوعة وشاملة واهتمت بمجالات الأدب والتاريخ وموضوعات سياسية أهمها قرارات الدولة ونشاط الإمام وأولاده.

كان الدافع الظاهر لإصدار المجلة دافع ثقافي يهدف إلى تنوير الأفكار بما تنشره من علم وأدب وتاريخ لتشجيع الكاتب اليمني وفتح مجال الكتابة والنشر وربط القارئ اليمني بالإنتاج الفكري في الخارج. والدافع الثاني لإصدارها - من وجهة نظر الإمام – في إتاحة الفرصة أمام الدولة للتعرف على ما يدور في أذهان الفئات المتعلمة من أفكار وآراء يتداولونها في جلساتهم الخاصة بهدف تلمس التيارات الفكرية والسياسية بين المثقفين. وكان محررو المجلة وعلى رأسهم مؤسسها أحمد عبد الوهاب الوريث وأحمد المطاع قد اتخذوا طريق الإصلاح مغلفًا بالروح الإسلامية لنشر أفكارهم ضّد سياسة الإمام المتصفة بالجمود والتخلف، فكان الهدف الأساسي والحقيقي من اصدارها الإصلاح والدعوة إلى التطور والتقدم ومسايرة العصر.

كانت الفترة التي ظهرت فيها المجلة فترة حرجة بالنسبة للإمام يحيى كونها عقب هزيمة الإمام أمام بريطانيا وابن سعود وتوقيع معاهدتين مع الجانبين - كما أشرنا أعلاه؛ إذ إنَّ حركة المعارضة نشطت عقب عقد هاتين "المعاهدتين"، وكانت هناك رغبة في إصلاح شؤون البلاد حيث وجد تذمر في أوساط المتعلمين والقبائل على حدٍ سواء، وعلى الرغم من ظهور المعارضة والذي كان قبل 1934م؛ إِلاَّ إِنَّ أحداث هذا العام كان عاملًا حاسمًا في بروز المعارضة، وقد حاول الإمام إجراء إصلاحات طفيفة بفتح بعض المدارس وورش صناعية وما إلى ذلك. وخلال 1939-1940م تحمست عناصر "زيدية" وأخرى "شافعية" لإدخال إصلاحات على أمل تطوير البلاد.

كان طابع المجلة إسلاميًا تماشيًا مع الطابع السائد في البلاد تحت حكم الإمام، وكان اتجاه المجلة إصلاحيًا وليس ثوريًا الدعوة للإصلاح والاقتناع بها بهدف إيقاظ الوعي الشعبي عن طريق الأدب وتحليل التاريخ بأسلوب علمي وإنَّ العلم أساس حل القضايا ومعالجة المشاكل الاجتماعية في المجتمع اليمني.

 واستخدم محررو المجلة تحليل الأحداث التاريخية كوسيلة لتوجيه الفكر توجيهًا وطنيًا وسياسيًا بهدف إصلاح ما هو قائم، والعمل على نشر الوعي الذي كان الهدف الرئيس. ويلاحظ أنَّ الإنتاج العلمي والأدبي والشعري في اليمن في تلك الفترة كان قليلًا بسبب العزلة وقلة وسائل النشر وعدم وجود معاهد علمية حديثة تساعد على صقل موهبة الأدباء والشعراء.

وتعد "مجلة الحكمة اليمانية "جزءاً مرحليًا من حركة المعارضة فالمقالات التي نشرتها كانت تمثل الاتجاه الذي اتخذته حركة المعارضة في اليمن في بداية ظهورها. جدير بالذكر أنَّ بعض محرري الحكمة اليمانية وهم كل من أحمد المطاع وأحمد الحورش وأحمد البراق ومحمد صالح المسمري ومحي الدين العنسي وزيد الموشكي. كان لهم نشاط سياسي سري لم يعرف عنه إِلاَّ عند فشل إنقلاب 1948م وتّم إعدامهم.

ويشير الشماحي أنَّ المطاع شكل تنظيم سري عُرِف بـ "هيئة النضال" ضمت كل من عبد السلام صبرة ومحمد المحلوي والعزي صالح السنيدار وعلي محمد السنيدار وعبد الله العزب وعبد الله الشماحي وعلي الشماحي ومحمد أحمد المطاع ومحي الدين العنسي ومحمد عكارس ومحمد حسين عبد القادر، وعقدت هذه الهيئة عدة اجتماعات إلاَّ إنَّ الإمام قضى على بعض أعضاءها وسجنهم في قصر "غمدان".

 وفي وقتٍ سابق قدم "محمد محمود الزبيري" برنامج "جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" إلى الإمام يحيى كان يهدف إلى تطوير جميع مرافق البلاد بما فيها النواحي الإدارية والمالية والتعليمية والصحية والتجارية والصناعية والزراعية بالإضافة إلى التمسك بمبادئ الإسلام الصحيح. إِلاَ إنَّ الإمام رفضه وأودعه سجن "الأهنوم". وخلال هذه الفترة ظهرت منشورات وقصائد شعرية تهاجم الإمام وسياسته.

وقد تشكلّت عناصر المعارضة من الآتي: -

أ ) المثقفين والمتعلمين.

ب) السادة والعلماء الزيديين المحافظين الذين لمسوا خروج الإمام على قواعد المذهب الزيدي، بالإضافة إلى بعض المشايخ.

وظهر في الثلاثينيات البريد الأدبي الذي كان له دور في انتشار فكر المعارضة، وكان عبارة عما يشبه المجلات الخطية محدودة الحجم، والأصح أن يقال عنها مجموعة رسائل متبادلة كان يتبادلها الأصدقاء - آنذاك - فيما بينهم للتعرف على آراء بعضهم البعض بهدف تنمية ثقافتهم ويتم تبادل الأخبار السياسية فيها والتعليق عليها في نطاق محدود.

ويشير أحمد محمد الشامي أنه وأخيه عبد الوهاب ومحمد الفسيل وأحمد المروني إلى أنهم كونوا نواة البريد الأدبي في صنعاء وكان إبراهيم الحضراني في تعز من أوائل كُتاب البريد الأدبي الذي كان يتم تبادل رسائله وقراءتها في عدد من المدن اليمنية. وقد تضمن البريد الأدبي المقالة والقصيدة والمناظرة الأدبية والنقد الأدبي وكان يتم تبادل هذه المجلات بين مدن صنعاء وذمار وإب وتعز. كان ظهور البريد سابق لظهور الحكمة اليمانية واستمر حتى عام 1947م، وكان يتم تناقلها أسبوعيًا وأهَّم كُتابَها أحمد المروني وعلي العنسي وعلي حمود الديلمي والبراق والموشكي، وللبريد الأدبي دور في نشر بعض الآراء ضّد سياسة الإمام وإن غلب النهج الأدبي عليه إذ كان متنفس للمطالعات الأدبية.

- نشأة حركة المعارضة خلال 1941- 1945م.

تميزت الفترة 1941- 1945م بظهور حركة المعارضة اليمنية بصورة أكثر وضوحًا، وتجلى ظهورها بصورة الشعور بالسخط والتذمر بين فئات الشعب اليمني في الوقت الذي لم تكن توجد تنظيمات سياسية، وبدأ هذا السخط ينتشر في داخل التجمعات الصغيرة وبين المتعلمين والمثقفين في حذرٍ شديد من سياسة البطش التي كان يتبناها الإمام، واتضحت بعض صور هذا السخط والتذمر في بعض مقالات الحكمة اليمانية بشكلٍ مبطن، كما ظهر التذمر ضّد سياسة الإمام من قبل بعض العلماء وخطباء الجوامع والمساجد، وأشار الشامي في كتابه "رياح التغيير" أنَّ حركة المعارضة قادها بعض العلماء وخطباء الجوامع الكبيرة بالتصريح في خطبة الجمعة بما تعانيه اليمن والمواطنين من ظلم وظالمين، ومشاكل وفساد ورشوة، ومن أبرز هؤلاء: محمد قاسم أبو طالب الذي كان ينتقد الأوضاع في حضور الإمام نفسه، وكان مجلس محمد بن محمد زبارة من المجالس التي تدعو إلى التغيير ويطالب بنشر التعليم وإنشاء معاهد علمية ونشر كتب التراث وتأسيس مجلس شورى ومحاسبة المرتشين والمحتكرين وأبرز الشخصيات التي كانت تحضر مجلسه أحمد عبد الوهاب الوريث مؤسس "مجلة الحكمة اليمانية" وأحمد المطاع وأحمد عبد الله الكبسي والقاضي يحيى الإرياني، ويعملون من خلال هذا المجلس بنقد للأوضاع ومناقشة أمور الدولة، وعلى حد وصف الشامي كان هذا المجلس مدرسة سياسية لطلبة ومشايخ العلم في صنعاء ما بين 1352-1362ه.

  وكانت مراسلات أحمد بن محمد زبارة مع الإمام يحيى التي وردت ضمن كتاب "رياح التغيير" للشامي؛ تمثل ما كان يدور من أحاديث في مجلس محمد زبارة حول الأوضاع – آنذاك، ومطالبة المستنيرين والعلماء من الإمام بالإصلاح.

وفي عام 1942م، استيقظ أهل صنعاء على منشورات خطية تمّ توزيعها على أبواب العلماء والمساجد والوجهاء تتضمن انتقادات بلهجة شديدة لتصرفات الإمام يحيى وحكومته وتتضمن مطالبة الشعب بالثورة ضده، ونتيجة لهذا المنشورات تمّ اعتقال كل من: محي الدين العنسي وعبد الله السلال وأحمد محبوب وأحمد المطاع وأحمد الحورش وأحمد المروني وتم إيداعهم سجن قصر "غمدان" و "الرادع"، وتم حبس الزبيري مع محمد قاسم أبوطالب في "الأهنوم"، ومحمد الخالدي الذي اتهم بأنه كتّب هذه المنشورات حيث تم سجنه في "قلعة وشحة".

ولم تظهر الأحزاب السياسية في اليمن إِلاَّ عقب توقف "مجلة الحكمة اليمانية" عن الظهور عام 1941م لأسباب أرجعها الإمام لقلة الأوراق زمن الحرب العالمية الثانية نتيجة توقف الاستيراد بالإضافة إلى خوفه من وقوف بعض المقالات مع أحد أطراف الحرب بما يتعارض مع سياسة الإمام العامة بالحياد وعدم التدخل في الحرب والمشاركة فيها لصالح طرف ضّد آخر خاصة بعد مقالة عبد الله العزب الذي أبدى تعاطفًا مع ألمانيا.

كان ظهور أول حزب يمني الذي سمي بـ "حزب الأحرار" والذي أسسه محمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان وزيد الموشكي وأحمد محمد الشامي عام 1944م، واتخذ من عدن مقرًا له ليكون بعيدًا عن الإمام، ويعتبر الحزب أول تجمع شعبي منظم.

وكان الشيخ مطيع دماج قد فرّ إلى عدن قبل الزبيري والنعمان وبدأ بالنشر في جريدة "فتاة الجزيرة" مقالات تندد بالإمام وحكومته وتصف معاناة الفلاحين والرعية من جور وظلم الحكام والعمال والعساكر.

وتم وضع برنامج للحزب (برنامج حزب الأحرار اليمني) تم نشره في جريدة الفتاة وتلقى الحزب دعمًا ماليًا وتأييدًا وصلت باسم الأستاذ أحمد محمد نعمان الذي أصبح رئيسًا للحزب والموشكي نائبًا والزبيري مديرًا وأحمد الشامي سكرتيرًا عامًا وعبد الله عثمان أمينًا للصندوق. وقد كانت تأتي التبرعات من المهاجرين اليمنيين في الحبشة وبريطانيا والسودان وفرنسا، وبدأ النشاط السياسي بإرسال المنشورات إلى داخل اليمن وتتضمن إعلان قيام الحزب وأهدافه وتحريض الناس إلى الانضمام إليه ومناشدة حكومة الإمام برفع الظلم عن الرعية.

وانضم للحزب عدد من الشخصيات منهم: الشيخ عبد الله أبو رأس والشيخ محمد ناجي القوسي والشيخ محمد عبد الوهاب نعمان وآخرون الذين لم يستغل الأستاذ نعمان انضمامهم إلى الحزب كونهم مشايخ على قبائل كبيرة إذا أعلنوا التمرد على الدولة والخروج عليها كان ممكن انهيارها فهي أي الدولة تعتمد عليهم في حكمها وتسلطها.

كان أول نشاطات الحزب إرسال رسالة إلى الإمام يحي تناشده برفع الظلم عن المواطنين من الحكام والعمال خاصةً في إب وتعز وإعلان الهدنة بين الرعوي والعسكري على حد تعبير الأستاذ أحمد نعمان، وتمّ تحرير رسائل خطية إلى ملوك العرب – آنذاك - وأمين جامعة الدول العربية تصف أحوال اليمن تحت حكم الإمام يحيى، جاء رد الإمام بعد خمسٍ وعشرين يومًا يطلب وصول أحد مؤسسي الحزب للتحاور معه في صنعاء وتضمن الرد الأمان له، فقام الزبيري بالرد على رسالة الإمام خطيًا وذيلها بتوقيع مؤسسي الحزب ومائة شخص من تجار ومشايخ اليمن. وكان رد فعل الإمام القيام بالاعتقالات لمجموعة من الناشطين السياسيين وأقارب بعض مؤسسي الحزب كـ "عبد الوهاب نعمان" و "عبد الوهاب الشامي" وغيرهم وسجنهم في حجة، وتمّ هدم بيت النعمان في تعز وبيت الموشكي في ذمار بهدف إرهاب الناس المؤيدين للحزب.

كانت مطالب الحزب كما أشار الشامي في "رياح التغيير" أن تكون الزكاة أمانة وأن يلغى التنفيذ والخطاط ونظام الرهائن وأن تشيد المدارس والمستشفيات والطرقات وإرسال البعثات الطلابية إلى الخارج ... الخ. وكما يبدو أن الإمام قام بالاتصال مع حكومة عدن البريطانية في عدن بشأن حزب الأحرار ونشاطه ونظرًا لمفاوضات التعاون بين الإمام والجانب البريطاني في تحصين المواقع الحربية المطلة على البحر الأحمر فقد استدعى حاكم عدن مؤسسي حزب الأحرار وحذرهم من القيام بأي عمل ضّد الامام إيذانًا بحضر نشاط الحزب طلب منهم عدم القيام بالاجتماعات، وبالفعل تّم إلغاء جلسات الحزب المقررة في جدول الأعمال، ولم يكتفِ حاكم عدن بذلك بل طلب من جريدة "فتاة الجزيرة" بأن لا تنشر أي مقالات سياسية لأعضاء الحزب ضّد الإمام يحيى وسياسته. غير أنه مع فشل تلك المفاوضات مع وفد الإمام يحيى في عدن برئاسة القاضي محمد الشامي؛ سمح الحاكم البريطاني للحزب بمزاولة نشاطه السياسي في عدن.

توقف أعضاء الحزب عن نشر مقالات في الصحف العدنية بناء على اقتراح من الزبيري بالإضافة إلى عدم إلقاء بيانات وخطابات وتأجيل جلسات الحزب فترة من الزمن.

لم يستمر حزب الأحرار بسبب تباين أساليب التفكير في طريقة ممارسة الأهداف المرسومة للحزب بحسب برنامجه ويرجع ذلك إلى اختلاف مؤسسوه فيما بينهم وعودة البعض إلى صنعاء وبسبب رفض البعض منهم فكرة سماح الإنجليز مجددّا لهم بمعاودة النشاط السياسي نكاية بالإمام؛ الأمر الذي اعتبره زيد الموشكي عَمَالة للإنجليز ومخالفة للشريعة الإسلامية، وبقي بعض مؤسسي وأعضاء الحزب الآخرين في عدن إلى أن تأسست "الجمعية اليمانية الكبرى" برئاسة محمد محمود الزبيري.

بعد عودة بعض أعضاء الحزب إلى صنعاء لاحت لهم فكرة أنَّ الوسيلة المثلى لإخراج اليمن مما تعانيه يكون عبر الدعوة إلى الإصلاح داخل اليمن وتقديم النصح للإمام والحكام بالعمل على تطوير البلاد ورفع الظلم عن كاهل الرعية ونشر العلم ... الخ. ولاقت هذه الفكرة استحسانًا من ولي العهد أحمد وبعض إخوته وأظهروا الاقتناع بذلك.

وبالفعل بدأ إرسال البعثات العلمية إلى اليمن من قبل بعض الدول العربية. كانت عودة الطلاب المبتعثين من الخارج في ظل تخلف اليمن وجمود سياسة الإمام يحيى وتخلفها إيذانًا باستئناف حركة المعارضة لنشاطها ضّد سياسة الإمام مجددًا. 


المصدر: منتدى المؤرخ الحصيف، الندوات الخاصة بتاريخ اليمن الحديث والمعاصر"1920 – 1970م"، للعام   2019 –  2020م.

المرفقات
العنوان تحميل
أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر) من الفترة 1941 - 1945 م .. حركة المعارضة ضد الإمام يحيى وسياسته خلال 1941- 1945م . تحميل
التعليقات (0)