أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر)  من الفترة 1951 -  1955م

أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر)  من الفترة 1951 -  1955م

اليمن في النصف الأول من الخمسينيات

 موضوع المقال:

اليمن في النصف الأول من الخمسينيات من الفترة 1951 -  1955م.

إعداد المقال:

 ا. حيدر علي ناجي العزي.

د. إسماعيل قحطان.

المقدمة:

مثلّت المعارضة اليمنية في النصف الأول من الخمسينيات الدور الحيوي في مواجهة نظام حكم الإمام أحمد بن يحيي حميد الدين، وقد انضمَّت إلى صفوفها شخصيات من الأسرة الحاكمة تمثلّت في حركة المعارضة الجديدة برئاسة الأمير عبد الله بن يحي حميد الدين، إِلاَّ أنّها كانت تخفي في طيّاتها محاولة الوصول إلى السلطة من خلال المعارضة، حتى تبنت المعارضة تأسيس "تنظيم الاتحاد اليمني" في القاهرة، كفرع وامتداد لنفس التنظيم الذي أنشئ في عدن، إِلاَّ أنّه لم يحقق في أنشطته تنسيقًا فاعلًا بين أعضائه؛ مما أصبح عبارة عن حركة عفوية غير متماسكة يفتقر إلى القيادة الصلبة وإلى التنظيم الحديدي على غرار بقية الأحزاب الأخرى في الوطن العربي آنذاك.

أبرز أحداث اليمن: حركات المعارضة في النصف الأول من الخمسينيات.

أ. حيدر علي ناجي العزي.

أولًا: حركة المعارضة الجديدة برئاسة الأمير عبد الله بن يحي حميد الدين.

تَحرَّك الأمير عبد الله بن يحيي حميد الدين بعد عودته من الخارج منتصف عام 1950م، في تكوين معارضة جديدة، تَتَّسم حركتها بالتكتم والسرية، فبدأ باستقطاب أخيه العباس، ومن يثق به ممن كانوا يعملون في وزارة المعارف تحت إدارته وهم الذين رشحهم للدراسة في الخارج، وعن طريقهم تمَّ الاتصال بكبار المسئولين للحصول على تشجيعهم، وقد أشير عليه بمد يد المساعدة إلى عوائل المعتقلين بـ "حجة"، فأرسل لهم ملابساً ونقوداً بصورة سرية.

وفي الحديدة استطاع أن يستقطب عناصر جديدة، كان أحدهم الشاعر "علي عبد العزيز نصر" - مدير معارف الحديدة، حيث يذكر نصر عن دور هذه المعارضة بقوله:

"أنّها كانت تسمى (حركة الأحرار اليمنيين الجديدة)، وأنَّ أعضائها في ازدياد مستمر، وينتشرون في "عدن" و "أديس أبابا" و "أسمرة" و "شرق إفريقيا" و "مصر" و "كارديف" ... وذكّر أنَّ سيف الإسلام عبد الله، كان زعيمًا للحركة، وأنَّ الشيخ عبد الله علي الحكيمي يقود مجموعة "كارديف" ويملك صحيفـة (السلام). أما عن أهداف الحركة الجديدة، فتتلخص بالإطاحة بالإمام أحمد، وتنصيب الأمير عبد الله إماماً، وإجراء الإصلاحات الدستورية."

ويضيف بقوله:

"أنَّ الحركة تملك الدعم من ثلاث صحف خارجية، تصدر باللغة العربية، وهي: (جريدة الإعلام العربي) في مصر، (والعرب) الصادرة في باريس، وصحيفة (السلام) في كارديف، ويقدم الأمير عبد الله لهذه الصحف الدعم المالي، وتضاف إلى هذه الصحف صحيفة (الفضول) التي تصدر في عدن."

وقد حاول الأمير عبد الله الاتصال بزعماء المعارضة اليمنية القديمة لاستقطابهم إلى جانبه، عن طريق نعمان (الابن) الذي زار الأمير في منزله في صنعاء، ومع أنَّ نعمان لم يحدثنا في كتابه عن علاقته وأبيه وغيرهما من رجال المعارضة بالأمير عبد الله بعد هذا اللقاء، إِلاَّ إنَّ الشامي – الذي كان لا يزال في سجن "حجة" آنذاك، قد ذكّر أنّه كان يشاع عن وجود صلات قوية بين عبد الله والنعمان، وأنَّ النعمان قد وزع دراهم على المسجونين في "حجة"، هبة من السيف عبد الله.

ثانيًا: حركة المعارضة اليمنية في النصف الأول من الخمسينيات.

تضمنت الوثائق الأمريكية قوائم بأسماء المعتقلين السياسيين، الذين اعتقلوا خلال إنقلاب 1948م وظلوا حتى مطلع عام 1953م، حيث ضمّت السجون خليطاً من العناصر المختلفة الأهداف والمتعارضة المصالح والمتنوعة الأسباب، وقد تم إطلاق حوالي ستين شخصاً من مجموع من تم اعتقالهم عام 1948م، وظل في سجون "حجة" وصنعاء حوالي تسعة وخمسين شخصاً، وكان بعضهم كـ "الأستاذ أحمد محمد نعمان" قد أطلق سراحه، ولكنه بقي تحت الإقامة الجبرية في "حجة."

أما الأستاذ محمد محمود الزبيري، فقد انتقل من "باكستان" إلى مصر، بعد ثورة 23 يوليو 1952م، وباشر حملته ضد نظام الإمام أحمد عبر إذاعة وصحف القاهرة، ويقال أنَّ الإمام أحمد قد عرض بواسطـة المفوضية اليمنية في القاهرة على الزبيري مبلغـاً شهرياً يصل إلى (مئة جنيه إسترليني) وإعـادة بيته في صنعاء؛ مقابل عودته إلى اليمن هادئاً في وطنه ولكنه رفض عرض الإمام. 

وقد أسس الزبيري "تنظيم الاتحاد اليمني" في القاهرة، كفرع وامتداد لنفس التنظيم الذي أنشئ في عدن، وكانت هذه النشاطات قد ساهمت في تحريك الركود في الداخل ولاسيمّا في سجن "حجة"، الذي ضم مجموعة من المعارضين.

 تغيّرت بعض الظروف الخارجية، بعد إعلان الجمهورية في مصر كنظام بديل للملكية عام 1953م وكان الإمام بحاجة إلى إحتـواء المعارضة في الداخل وكبح جماح المعارضة في الخارج.  فبعث إلى الرئيس المصري "محمد نجيب" ببرقية اِسْتَنْكَر فيها نشاطات المعارضة في الإذاعة المصرية ضد الحكومة اليمنية، وقد أدى تحسن العلاقة بين مصر واليمن إلى إضعاف نشاط المعارضة فـي القاهرة.

أما المعارضة في الداخل فقد تحسنت علاقتها بالإمام نتيجة تصاعد الخلاف بين البدر والحسن على ولاية العهد، وكان الإمام يقف مع ابنه البدر الذي اختارت المعارضة في "حجة" تشجيعه وحددت موقفها معه، فتوالت الإفراجات عن المساجين ليقود بعضهم حملة البيعة لولاية العهد، وقد أُلحق كثيرون ممن أفرج عنهم في وظائف مختلفة في جهاز الدولة. حينها لم يجدْ الزبيري ما يقوله غير أن يصدر مقالات في الصحافة المصرية بعنوان (آمالنا وأمانينا) مفعمة بالأمل بقرب تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وعندما أوقف الإمام أحمد الحملة لولاية العهد، كان قادة المعارضـة قد تبنوا مواقف مختلفة تجاه المتنافسين عليها، فانقسموا إلى قسمين:

- الأول: استمر في تأييد البدر ويمثلهم النعمان والإرياني والزبيري في القاهرة وأنصارهم.

- الثاني: انضم إلى الأمير عبد الله ويمثلهم الشماحي والسياغي ومحمد حسين عبد القادر.

أما المعارضة في عدن، فقد تمَّ تأسيس تنظيم جديد، أطلق عليه اسم (رابطة اليمن الكبرى) في مايو 1951م، وكان المسؤول عنها "عبد القوى مدهش الخرباش"، وذكرّت التقارير البريطانية أنَّ الرابطة بعثت برنامجها المعلن إلى الإمام الذي رفضـه، مما جعل الرابطة تنتهج سياسة مناهضة، واستمرت الرابطة بهذا الاسم حتى تم تحويلها إلى اسم (الاتحاد اليمني)، والذي تم تشكليه في 24 سبتمبر 1952م، بعد اتهام الخرباش بالميول الشيوعية وسحب الترخيص.

وفي شهر أكتوبر 1952م، تم الإعلان عن أسماء قيادة الاتحاد في عدن برئاسة "عبد القادر أحمد علوان " وإلى جانبه "علي محمد الأحمدي" أميناً عاماً، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء.

وفي القاهرة تم إنشاء فرع الاتحاد اليمني برئاسة الزبيري وإلى جانبه "علي الجناتي" و "يحيى أحمد زباره" وآخرون.

وفـي 1953م تولى رئاسة الاتحاد في عدن "عبد الله علي الحكيمي"، الذي عاد حينها من بريطانيا، ولكنّه سرعان ما توفي بعد إن أعتقل، فتولى رئاسة الاتحاد " أحمد عبد الرقيب حسان"، الذي استمر حتى إنقلاب 1955م، وكان من مؤيديه.

وقد لجأ الإمام أحمد في مقاومته لنشاطات المعارضة في عدن، إلى إنشاء جمعية مؤيدة له في عدن، أُطلق عليها اسم (الجمعية اليمنية) برئاسة السيد "أحمد عباس إسحاق" - معتمد الإمام في عدن، وكان من أنصارها البارزين "عبد الرحمن جرجره" رئيس تحرير جريدة النهضة العدنية، ومن أهداف هذه الجمعية العلنية، الدعاية للإمام وبث روح الولاء بين اليمنيين المقيمين في عدن.

ثالثًا: النشاط الاقتصادي والمركز المالي حتى نهاية عام 1954م.

ظل الإمام أحمد ينتهج سياسة أبيه بدون أي تغيير حقيقي حتى نهاية عام 1953م، ثمَّ شهدت اليمن عام 1954م نشاطاً سياسياً واقتصادياً غير معهود من قبل تمثّل في الزيارات التي قام بها عدد من خبراء الأمم المتحدة وفي منح امتيازات نفطية للألمان، وتعبيد طريق تعـز - المخاء، ومقترح استخدام مطار الحديدة من قبل الخطوط الجوية المصرية، وتحسين الاتصالات والتمديدات الكهربائية التي أنجزها خبراء ألمان، والإتفاق على قبول مساعدات اقتصادية وعسكرية من مصر.

ويذكر القنصل الأمريكي في عدن بقوله:

"أنَّ الجهود المبذولة في هذا الميدان كانت جهوداً فردية وهزيلة ولا تنتمي إلى أية خطة تنموية شاملة، ولا تؤدي غالباً إلى أية تحسينات أساسية، مع ملاحظة أنَّ جهد الإمام في جميع الطاقات المتوفرة لا يستطيع أن يحدث الإصلاح المطلوب، إِلاَّ خلال عـدد من السنين، ومع ذلك فقد كان هناك إنطباع بأنَّ الإمام يتلمس طريقه ببطء وبشكل تجريبي، وربما فقط بمساعدة الأقطار الأخرى، وبتحفظات كثيرة.

وقد نمّا تطور في العلاقات السعودية والمصرية لكون الإمام قد أدار ظهره للدول الغربية، ومن المرجح أنَّ اليمن كان ينفق أكثر من إيراداته، مثَّل: الإنفاق على الخطوط الجوية اليمنية، وعلى التمثيـل الدبلوماسي اليمني في الخارج، ومستشفى تعز، وطريق تعز – المخاء، ومشروع تطوير ميناء المخاء والدعم المقدم للثائرين ضد السلطات البريطانية في عدن، وبرامج الصليف المتعددة.

كل تلك النفقات قد أضافت أعباء هائلة علـى الميزانية، لا تغطيها مصادر الدخل الاعتيادية باستثناء ملح الصليف، لم يوجد أي مصدر جديد للدخل حتى نهاية عام 1954م.

ويستطرد القنصل في حديثه:

"أنَّ معظم الموظفين الكبار في اليمن كانوا متأكدين بأن اليمن يطفو فوق بحر من النفط، وهذا ما كان يغريهم بالاندفاع في تبني مشاريع غاليـة الثمن.

غيرّ أنَّ الإمام قد واجه عجز جعله يوقف عدد من المشروعات، فخلال وجوده في صنعاء عجز عن الحصول على مبلغ سبع مئةٍ ألف ريال لتسديد بعض الالتزامات، كما قرّر توقيف مشروع استثمار ملح الصليف لأنّه لم يتمكن من دفع مبلغ مائتي ألف ريال لتمويل المشروع، كما قام بإلغاء الإتفاقية الخاصة بتحسين ميناء الحديدة، وطريق تعز – الحديدة، والتي قُدِرت تكلفتها - آنذاك - بمبلغ ثلاثمائة وخمسين ألف جنيـه، بالإضافة إلى ذلك فقد عجز عن توفير مبلغ ثلاث مئة ألف جنية المطلوبة لتغطية إتفاقية شراء مكائن أمريكية لحلج القطن.

 أما كيف حدث هذا العجز وأين ذهبت أموال الدولة، فيذكر القائم بالأعمال البريطاني أن بعض أموال الدولة قد صرفت على المشروعات التطويرية، وبعضها أنفقت على غير المصلحة العامة، وبعضها كان يدفع لدعم الانتفاضات القائمة في المحميات، المطالبة بالاستقلال، وفوق هذا كان ضعف الجباية للزكاة والضرائب وفساد القائمين عليها سبباً آخر في هذا العجز.

 وعلى الرغم من عدم توفر رؤية واضحة عن إيرادات ونفقات الدولة اليمنية، فالراجح أنَّ الدخل السنوي لم يزد عن ستة ملايين ريال، بما في ذلك جزية اليهود، ومبالغ كهذه لا تكفي لتغطية نفقات الجهاز الحكومي والتشكيلات العسكرية والبعثات الدبلوماسية والتعليمية والمهمات الخارجية، فضلاً عن ما يصرف على القبائل والعمليات المناهضة للبريطانيين في المحميات، والمشروعات المطلوب تنفيذها داخل البلاد.

على الجانب الآخر، نجد الأمير عبد الله مشهورًا بثرائه فقد كان يمتلك ثروة كبيرة، لتعدد مناصبه وكثرة رحلاته الدبلوماسية، وتوظيف أمواله في المصارف الخارجية، وتشغيلها في التجارة الداخلية، كما امتلك منزلاً في القاهرة، وأرصدة في المصارف المصرية، وقد كشفت إحدى الصحف العراقية عن ثروة عبد الله بعد إعدامه، فذكرّت:

"وتتألف تركته من تسعة ملايين دولار، مودعة في بنوك أمريكية، وأسهمًا بشركة السكك الحديدية اللبنانية، ومليون ونصف مليون جنيه إسترليني مودعة في البنوك المصرية، بالإضافة إلى ثروته داخل اليمن ومنها نصيبه في شركة تصدير ملح الصليف، التي قام بإنشائها برأسمال قدره مليون ريال يمني."

  رابعًا: العلاقات الخارجية والصراع اليمني البريطاني على المحميات.

أنَّ أكثر الدول العربية والاجنبية تأثيرًا في مجري السياسة اليمنية آنذاك كانت المملكة العربية السعودية ومصر وبريطانيا وما تمخض عنها من تحالفات إقليمية ودولية.

التزمت المملكة العربية السعودية منذ البداية الوقوف مع العرش اليمني والأسرة الحاكمة ضد كل الطامحين وكان لموقفها الداعم للإمام أحمد أثر كبير في سحق قوى إنقلاب 1948م.

أما مصر فلم يختلف موقفها الداعم للعرش اليمن عن الموقف السعودي، حتى نهاية عام 1952م، غيّر أنَّ قيام الثورة فيها بعد ذلك قد سمح باحتضان المعارضة اليمنية والسماح لقياداتها بالإقامة فيها ومزاولة نشاطها المعارض وإذاعة ونشر بيانات مناهضة للإمامة، كما بدأت المعارضة في سجون "حجة" تتغنى وتشيد بمواقف الثورة المصرية. مما أثار قلق وانزعاج الإمام أحمد والطبقة الحاكمة المحافظة كما أثار هذا الحدث قلقاً في كل من السعودية واليمن دفعهما إلى زيادة التقارب بينهما، فتم الإتفاق على تمديد إتفاقية الطائف لمدة عشرين عاماً أخرى قبل موعد انتهائها، وفي السعودية توفي "الملك عبد العزيز" وانتقل العرش إلى الابن الأكبر (سعود)، مما أثار من جديد قضية وراثة العرش اليمني وضرورة حسمها. 

وفي ديسمبر عام 1953م، نشرت بعض الصحف المصرية أنَّ بريطانيا تعتزم إقامة مملكة في الجنوب العربي علي غرار المملكة الأردنية، وكان الأمير عبد الله وزير الخارجية اليمنية أحد المرشحين لعرش هذه المملكة الجديدة، وكان يمكنها أن تصبح مجرد إشاعة لو لم تعقبها خطوات بريطانية، تدعو إلى إقامة اتحاد فيدرالي لإمارات جنوب اليمن  مما أقلق الإمام أحمد وفتح مرحلة جديدة من الصراع اليمني البريطاني أكثر سخونة من ذي قبل، واستجابة لطلب اليمن أرسلت الجامعة العربيـة وفدًا للتحقيق في الخروق البريطانية في مناطق الحدود، وما أن عاد وفد الجامعة إلى مصر حتى ظهر نشاط غير عادي في التحركات السياسة اليمنية خلال شهر مارس عام 1954م، فعقد مؤتمر ملكي في تعز، وتم طلب السفراء في كل من بريطانيا وأمريكا للتشاور، وعين سفير يمني في  جدة، ومبعوث مطلق الصلاحية في بغداد، وموظف سياسي في "أديس أبابا".

وأصبح القاسم المشترك الذي يجمع بيـن مصر والسعودية واليمن، الصراع ضد بريطانيا وهو حافز كاف للتقارب بين هذه الثلاث الدول والذي تم تنشيطه خلال النصف الثاني من عام 1954م. ففي (يوليو) كان الرائد "صلاح سالم" عضو مجلس قيادة الثورة المصرية في زيارة رسمية لليمن وأجرى مباحثات في تعز مع الإمام أحمد لنفس الأهداف، وفي شهر سبتمبر كان الملك سعود على رأس وفد سعودي كبير في زيارة رسمية إلى اليمن، حيث سبقه الإمام أحمد إلى صنعاء لاستقباله هناك، وقد حاول الملك سعود ضمن برنامج الزيارة جمع الأسرة الملكية اليمنية وتقديم النصيحة لحسم مشكلة ولاية العهد ومبايعة إبن الإمام الأمير البدر. غير أنَّ هذه النصيحة لم تجدْ أذان صاغية، وإن كان سعود قد نجح في مهمته على صعيد التنسيق والتعاون بين المملكتين، بما فيها وعد الملك بدعم الأمير البدر حينما يحتاج إلى دعم، وقبل أن يغادر الملك سعود اليمن كان الأمير البدر على رأس وفد يمني إلى مصر لاستمالة عبد الناصر والحكومة المصرية، واستقطاب وكسب المعارضة اليمنية في القاهرة إلى جانبه، وقد عاد إلى اليمن ومعه بعثتين مصريتين إحداهما عسكرية، والأخرى تعليمية.

وفي مطلع 1955م، كان على المسرح السياسي العربي تكتلان هما: حلف بغداد التابع للغرب وأبرز دوله في المنطقة "العراق" و "تركيا"، والحلف العربي الذي ضم مصر والعربية السعودية واليمن وسوريا والذي أعلـن عن قيامه في شهر مارس عام 1955م، قبل إنقلاب 1955م بأسابيع، مما جعل كثير من المراقبين يربطون بين انضمام اليمني إلى هذا التحالف وبين الإنقلاب.

تنظيم الاتحاد اليمني.

د. إسماعيل قحطان:

مثلّت مقالات محمود الزبيري في الصحافة المصرية بعنوان (آمالنا وأمانينا) برنامج عن الدستور الذي قدمه الزبيري للحزب الجديد (الاتحاد اليمني في مصر) على اعتبار أنّه الدستور الذي يجب أن تسير عليه اليمن، حيث كان الباب الأول يحدد عمل الإمام في إحدى عشر مادة يعطي جميع السلطات للإمام ويجعل باقي السلطات شكلية، وقد أغضب هذا البرنامج الأحرار في عدن أو المقر الرئيسي للاتحاد اليمني في عدن؛ حيث تصرف رئيس الفرع في القاهرة "الزبيري" دون الرجوع إلى الآخرين، الأمر الذي جعل "عبدالله الحكيمي" يعاتب الزبيري على هذا الفعل.

ويمكن القول، أنَّ حركة الأحرار اليمنية وبعد كل هذه السنين الأحداث، كانت عبارة عن حركة عفوية غير متماسكة التنظيم تفتقر إلى القيادة الصلبة وإلى التنظيم الحديدي على غرار بقية الأحزاب الأخرى في الوطن العربي. فقد كان "الاتحاد اليمني" هو الحزب الذي يتحول فيه العضو إلى رئيس ومدير وسكرتير ويجمع كل هذه المناصب بينما هو في الأصل عضو عادي، لذلك نجد أنّه لم يتعرضْ حزب أو تنظيم سياسي في اليمن أو خارج اليمن لانقسامات وصراعات بين أعضاءه كما حدث في الاتحاد اليمني، وهذه الصراعات انعكست على وضع اليمن بعد الثورة حينما عاد أعضاء هذه الحركة إلى اليمن يطالبون بمناصبهم ونصيبهم من الثورة، ونقلوا صراعاتهم من عدن والقاهرة إلى صنعاء.

كما أن هذا الحزب ظل قادته القدامى يطالبون بالإمامة الدستورية بينما كان الشباب من مختلف التنظيمات ومن بينها شباب "الاتحاد اليمني" قد تجاوزوهم وتجاوزوا أفكارهم هذه إلى الدعوة للنظام الجمهوري، هذه الفوضى في "الاتحاد اليمني" كانت تعبير عن الفوضى والتخبط لدى حركة الأحرار في انقلاب 1948م، وفي انقلاب 1955م، وحتى في 1962م، وعدم استقرار أعضاءها على رأي واحد وفكر واحد وقيادة واحدة.


المصدر: منتدى المؤرخ الحصيف، الندوات الخاصة بتاريخ اليمن الحديث والمعاصر"1920 – 1970م"، للعام   2019 –  2020م.

المرفقات
العنوان تحميل
أبرز الأحداث التاريخية (لليمن الحديث والمعاصر)  من الفترة 1951 -  1955م تحميل
التعليقات (0)