مسجد الصلاحي الكبير في نابلس.. علامة فارقة بالمدينة
تعتبر مدينة نابلس وبالأخص البلدة القديمة كنزاً أثرياً دينياً، حيث تضم العديد من المساجد التاريخية وهذا ما يميزها، بعضها يعود لعصر الفتح الإسلامي، وأخرى تعود لأكثر من ذلك، للعهد الروماني الذي كان يضم الكنائس والمعابد التي أصبحت أنقاضاً بعد مرور السنين وبُنيت على هذه الأنقاض المساجد التي نراها اليوم، وهذا حال الكثير من الأبنيةِ في كثيرٍ من البلاد، وبعضها الآخر أيضاً تم تحويله وتجديده ليصبح مسجداً، وتتميز غالبيتها بمناطقها الجغرافية والتاريخية، سنتحدث اليوم عن المسجد الصلاحي الكبير أكبر مساجد مدينة نابلس في فلسطين، تابعوا معنا لنتعرف عليه أكثر…
تاريخ بناء مسجد الصلاحي الكبير في نابلس:
يعود تاريخ بناء مسجد الصلاحي الكبير للعهد الروماني، حيث كان في الأصل كنيسة تعرضت للهدم والبناء على فتراتٍ متلاحقة من التاريخ حتى الفترة الصليبية، وكانت قد هُدمت في النهاية بسبب زلزالٍ حتى تم تحويلها إلى مسجد من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي عام 583هـ/ 1187م، ويعود اسم المسجد الصلاحي لفاتحه، وقد تم استخدام الحجارة المهدمة من الكنسية في بناء المسجد، وشهد العديد من التجديدات والإضافات خلال الزمان وخلال مروره بالعديد من العهود كالعهد الأيوبي والمملوكي ومن ثم العثماني حتى العصر الحديث، وقد تم وصف الجامع من قبل الرحالة ابن بطوطة عندما كان في زيارةٍ لمدينة نابلس عام 775هـ/ 1355م، بقوله: “والمسجد الجامع في نهاية من الإتقان والحسن، وفي وسطه بركة ماء عذب”.
تعرض المسجد للأضرار سنة 1927م بسبب الزلزال الذي ضرب فلسطين، وكان هذا الزلزال قد سبب الضرر للعديد من المباني الأثرية والتاريخية، حيث هُدم جزءٌ كبير من المسجد الصلاحي بسببه.
وفي عصرنا الحديث منذ فترةٍ قريبة تم ترميم المسجد مع المحافظة على آثاره، وكان المشرف على عملية إعادة الإعمار المهندس المعماري نصير عرفات، حيث تمت بكل احترافيةٍ وإتقان وبطرقٍ مميزة للحفاظ على هذا التراث المعماري الذي يحكي تاريخ تحرير فلسطين من الصليبيين.
موقع مسجد الصلاحي الكبير وتصميم البناء:
يقع مسجد الصلاحي الكبير في وسط المدينة القديمة في نابلس وبالتحديد في حي القصبة، ما بين الشارع الشمالي الذي يؤدي إلى خان التجار القديم وشارع النصر الذي يقع بقرب حارة العقبة وحارة القيسارية، ويقع مقابل الجامع ساحة كبيرة بمنارةٍ تذكارية عثمانية، يمكن رؤية ساعةٍ كبيرة في قمتها، مع سبيلِ ماءٍ إلى جانب التذكار، وتتواجد بعض الأضرحة في أسفله من الزاوية الجنوبية الشرقية، كما أن مسجد النصر الذي يعتبر رمز المدينة بقبته الخضراء المرتفعة وبمبناه الضخم يقع على بعد 150 متراً من جامع الصلاح الكبير.
كان أصل الموقع بازيليكا رومانية متهدمة، غير بناء الكنيسة الأصلي الذي تم تحويله إلى مسجد، وتم بناء القبة والمحاريب، وأما المئذنة فهي تقع في وسط الواجهة الشمالية فوق المدخل بشكلٍ ثماني، وعند الدخول إلى المسجد بعد صعود بعض الدرجات تطل علينا الساحة المكشوفة التي تتوسطها بركة ماء، وأما البوابة الرئيسية فهي تتألف من خمسة أقواسٍ كل واحدٍ منها ضمن الآخر، وقد تزين القوس الخارجي بنقوشٍ رومانية، وأعمدة البوابة رخامية مزخرفة من الكرنيش بشكلٍ مميز.
والمسجد قائمٌ حتى هذا اليوم بمساحة 1400 متراً مربعاً، وأُجريت عليه عملياتُ ترميمٍ في الفترة الأخيرة، وهو مسجدٌ عامرٌ بذكر الله وتُقام قيه الصلوات الخمس.
(taree5com).