ثورة 14 أكتوبر ومدى تحقق الأهداف الوطنية (3)

ملتقى المؤرخين اليمنيين

الندوة السابعة بعنوان

ثورة 14 أكتوبر ومدى تحقق الأهداف الوطنية

18 ربيع أول 1444هـ / 14 أكتوبر 2022م

ضيف الحلقة: د. إسماعيل قحطان.

مدير الحلقة: د. أحمد المصري.

مداخلة:

ثورة 14 أكتوبر استفادت كثيرًا من تلك الثورات والانتفاضات القبلية التي حدثت في الجنوب، وأيضًا من نجاح ثورة سبتمبر التي تعتبر المحرك الأساسي لثورة ثوار الجنوب ضّد المحتل البريطاني.

أيضًا في ذلك الوقت بدأ العد التنازلي لمصطلح الاستعمار وبدأت الشعوب تنتفض، لهذا كان العمر الافتراضي لهذه المرحلة شارف على الانتهاء، فكان لابد للمستعمر من الخروج بالحديد والنار أو بالوعود.

كل تلّك العوامل ساعدت في أن تأخذ ثورة أكتوبر حقها واستطاع ثوار الجنوب من التحرر من المستعمر. أيضًا لا ننسى الدور الأمريكي في ما يسمى ملئ الفراغ في الشرق الأوسط، وهو ما أقصده أنَّ النظام الاستعماري القديم أصبّح غير فعال فكان لابّد من تغيير الأهدّاف والوسائل والأدوات. أيضًا الأزمة المالية في بريطانيا وتغيير الحزب الحاكم أيضًا كان لها دور في تغيير الأمور.

د. إسماعيل قحطان:

شكًرا دكتورة/ أريكا على هذه المداخلة.

وما أود قوله، إن البريطانيون كانوا يأملون بالبقاء في عدن أطول فترة ممكنة وقد حاولوا بشتى الوسائل كان من بينها الاحتفاظ بقاعدة عسكرية، لكّن تحت وطأة المقاومة المسلحة غيرّت بريطانيا كل ترتيباتها، وتخلّت عن كل أحلامها بل حتى إنها عجلت بموعد الخروج إلى نوفمبر 1967 بدلًا من 1968م.

ا. د. محمود الشعبي:

في آخر أيام الاستعمار البريطاني حدثت صدامات مسلحة بين تكتل الجبهة القومية والتكتلات الأخرى وخاصة جبهة التحرير بقيادة "مكاوي"، وإذا لم أكن مخطئًا فإنه كان لإنقلاب 5 نوفمبر 67م، دورًا حاسمًا في هزيمة جبهة التحرير.

هل هذه الرواية صحيحة، ولماذا لم يقم نظام 5 نوفمبر 67م، بأي محاولة صلح لوقف ذلك الصراع الدموي والعمل على تقوية حركة الاستقلال بوجه عام.

د. إسماعيل قحطان:

إنقلاب 5 نوفمبر 67م في الشمال كان مؤيدًا لجبهة التحرير بقيادة "المكاوي" و "الأصنج" و "باسندوه".

وللعلم، كان قحطان من مؤيدي الوحدة بين البلدين؛ لكن حكومة صنعاء بقيادة الإرياني رفضت أي مفاوضات حول الوحدة إِلاَّ في حال تسليم الجبهة القومية السلطة لجبهة التحرير أو إشراكها في نصف السلطة، وكان هذا الشرط تدخلًا سافرًا من الحكومة الإنقلابية في شمال اليمن بالشأن في جنوب اليمن. وكان هناك تأمرًا غير جلي من حكومة الإنقلاب في الشمال لإسقاط "قحطان" و "فيصل"؛ لأنّهما كانا أكثر وحدوية من "الإرياني" و "نعمان" وقادة إنقلاب نوفمبر 1967.

ا. د. محمود الشعبي:

إنقلاب 5 نوفمبر 1967م، نتّج عنه إجراءات تعسفية وعنيفة في الشمال مطاردات، واعتقالات، وفصّل من الوظائف، وتصفيات مناطقية وسياسة معادية للتيارات غير الدينية وغير البعثية؛ ولذلك لم يكلف زعماء الإنقلاب أنفسهم في التفكير بالجنوب لأنَّ وحدة اليمن لم تكن في أجندتهم. فقامت الصراعات الدموية في الجنوب وخسِرّ "الجانب الناصري"؛ لأنه لم يحصل على عون مادي ولأن إنقلاب الشمال كان ضّد مصر وسياستها ومتجهًا نحو السعودية الإسلامية والعراق وسوريا البعثية. (وجهة نظر معاصرة للأحداث).

د. محمود السالمي:

لم يكن لإنقلاب 5 نوفمبر 1967م في الشمال أي دخل كان الدخل لموقف الجيش الذي أعلن انحيازه للجبهة القومية، الجبهة القومية اشتغلت عمل سري داخل الجيش والأمن وأطرّت الكثير من عقداء الجيش، بينما جبهة التحرير عولَّت على جيش التحرير الذي تمَّ تدريبه في تعز والقاهرة، وعولَّت أيضًا على موقف الجامعة العربية الذي كان يعتبرها الممثل الوحيد للجنوب، ولذلك لم تكترث بالعمل الميداني كثيرًا مثل الجبهة القومية، وهناك من يعتقد بإن إنحياز الجيش إلى جانب الجبهة القومية كان بإيعاز من بريطانيا التي فضلت الجبهة القومية على جبهة التحرير التي كانت ترتبط بعلاقة متينة مع عدوها اللدود عبدالناصر.

د. إسماعيل قحطان:

كما تفضلت دكتور/ محمود. ويمكننا إجمال ذلك بالقول إنَّ حكومة إنقلاب نوفمبر 1967 لم تكن وطنية البتة.

ا.  د. محمد بلعيد:

الفترة من 1954م إلى1963م، شهدت مناطق اتحاد الجنوب العربي عدد من الحركات الثورية سواء في العوالق أو الفضلي أو دثينة والعواذل ويافع والأميري والحواشب، وكان للوجود الاستعماري يقاوم تلّك الحركات كـ "الربيز" 1954م، والمراقشة 1954 و1958م، وكذا حركات أخرى في شبوة ودثينة أقضت المستعمر وأعوانه وكان آخرها في 63م بـ "ردفان" التي فجرت الموقف، ومعظم تلّك الحركات كان يسمى ثوارها بالشوعيين لتنفير الناس عنها، ومعظم ثوار المراقشة والمنطقة الوسطى كانت البيضاء محطة إمداد وتدريب لهم قبل ثورة سبتمبر وبعدها.

د. إسماعيل قحطان:

بالفعل، كانت الانتفاضات مشتعلة في غالبية المشيخات والسلطنات والتي أدّت إلى إرهاق الجيش البريطاني، الأمر الذي أجبره على تعزيز قواته وتوسيع قاعدته العسكرية.

د. محمود السالمي:

أختلف معك في هذه النقطة دكتورنا الحبيب، بريطانيا قررت سحب قاعدتها العسكرية لأسباب خاصة بها فبعد إن تعرضت في منتصف الخمسينيات لأزمة مالية قررت سحب قواعدها من عدن وقبرص ومالطا، وكان هذا القرار قد تسبب بتذمر وحنق كبير لقيادات "اتحاد الجنوب العربي" وبعضهم ومنهم "حسين الهبيلي" غادر عدن ولم يعد إليها بسبب قرار بريطانيا سحب قاعدتها وترك الاتحاد من دون الحماية التي عقدتها بريطانيا مع الاتحاد عند التأسيس.

د. صادق الصفواني:

هل توجد وثيقة بريطانية رسمية تتحدث فعلًا عن ذلك؟

وسؤال آخر: أليست الفكرة تتناقض مع العدوان الثلاثي أو ماذا؟

د. محمود السالمي:

العدوان الثلاثي كان قبل سحب القاعدة بتسع سنوات، وقرار سحب القاعدة فيه وثائق كثيرة وتحدثت عنه صحف ذلك الوقت، ونشرت في الكتاب الأبيض الذي كانت تصدره وزارة الدفاع البريطانية.

ا. د محمد بلعيد:

الدكتور/ عبد الخالق عفيف تناول معظم تلك الثورات في أطروحته، وأعتقد أنها نشرت مؤخرًا كـ "كتاب".

د. أحمد المصري:

أتفق مع دكتور/ محمود السالمي في هذه النقطة وأعتقد بأن هناك وثيقة رسمية صدرت بهذا الخصوص، لا أتذكر بالضبط أين أطلعت عليها.

د. محمود السالمي:

  وثائق، ونُوقشت في مجلس العموم البريطاني، وصدرت في الكتاب الأبيض لعام 1966م.

د. أحمد المصري:

نعم.

د. أسمهان العلس:

إنَّ قرار الانسحاب كان مبكرًا، ونشر في الكتاب الأزرق لبريطانيا ووصف الهدف أن (المرحلة القادمة هي مرحلة القواعد البحرية غير الثابتة)؛ والسبب مالي وخسائر مادية، والذي بيده ملف المفاوضات يمكنه أن يتأكد من عدم ذكر القواعد في عدن، وعلينا أن نراجع منذ الاستقلال وحتى اليوم النشاط البحري للقوى الكبرى في المياه المحيطة، ولعل الضربات الموجهة إلى بغداد من المياه المحيطة أكبر برهان.

د. أسمهان العلس:

هل ممكن أن نستّعرض هنا أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر ونقدم لهما قراءة في درجة التقارب والتباعد ومستوى الإنجاز على الأرض؟ أعتقد سيكون أكثر علمية.

د. أريكا أحمد صالح:

إنَّ ثورتي سبتمبر وأكتوبر لها نجاحات واخفاقات أهَّم نجاحها التخلص من الإمامة وتطوير التعليم وغيره، وفي الجنوب كان طرّد المستعمر أهَّم إنجاز والقضاء على الجهل والمرض والأمية، وحققت الثورتين الوحدة اليمنية صحيح ليس في وقته ولكّن قد تمت.

مع هذا نقول إنهما حققتا أكثر الأهدّاف أهمية على الرغم من التكالب الدولي بأدوات محلية الصنع.

د. أسمهان العلس:

لم أطلب التقييم للأهدّاف، لكن ابحثوا في واحدية الالتقاء والتباعد.

د. محمود السالمي:

الحديث عن واحدية الثورية قول ذات طابع سياسي، مقاومة الاستعمار كانت قبل قيام ثورة 26 سبتمبر، ومن شكلوا الجبهة كانوا في الشمال قبل قيام الثورة، الصحيح أنَّ ثورة 26 شكلّت إسناد للجبهة القومية، أما واحدية الثورة فهو قول متعسف للتاريخ.

د. أحمد المصري:

اتفق معك دكتورة أريكا 100%

د. إسماعيل قحطان:

أهدّاف ثورة سبتمبر الستة تمّ تنفيذ أربعة منها تنفيذًا تامًا وهي؛ التحرر من الاستبداد والاستعمار وإقامة حكم جمهوري وإزالة النظام الطبقي، بناء جيش وطني حيث لم يكن للنظام البائد جيش وطني، رفع مستوى الشعب تَّم في جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليم. بينما إنشاء مجتمع ديمقراطي لم يتم تطبيقه، لأنه لا يمكن للديمقراطية أن تترسخ إِلاَّ بعد ترسخ قيّم المساواة والتحرّر من مبادئ الإمامة، لكّن إنقلاب 5 نوفمبر 1967م عاجل الثورة وأصابها في مقتل وأفشل حتى التي كان قد تمّ إقامتها؛ حيث تّم تغيير الجيش الوطني إلى جيش قبلي وهكذا في مختلف الجوانب.

قد تكون ثورة أكتوبر أوفر حظًا من ثورة سبتمبر؛ لأنها وضعت لنفسها أهدّاف وتحققت في مجملها - كما سبق وأن أشرْت في تعليق سابق.

د. أريكا أحمد صالح:

أهدّاف الثورة معروفة والتباعد والتقارب فيها أيضًا واضح وهذا ما أدى إلى أن تصاب الثورتين بالنكبات والانقلابات المتعددة تحت مسمى إنحراف عن تحقيق الأهدّاف السابقة.

ا. د محمد بلعيد:

دكتور/ إسماعيل ممكن استفسار أخير حول التسمية في اتفاق "جنيف".

 لم يكن باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وإنّما كل الوثائق باسم "الجنوب العربي" الكيان السياسي على الأرض. لكّن تغيّر المسمى بعد ذلك وحدث انقسام أدى إلى ترجيح طرف "اليمننة" متأثرين بالنقمة على السلاطين وسياساتهم وعدم تكرار تجربتهم وكان للطرف الشمالي في الجبهة القومية دور في ترجيح "اليمننة" وتسمية الجمهورية الجديدة باسم جمهورية اليمن.

د. اسماعيل قحطان:

أختلف معك في هذا جملةً وتفصيلًا؛ لأنَّ الجبهة القومية منذ كانت فرعًا لحركة القوميين العرب كانت ضّد مسمى "الجنوب العربي"، وقد أصدر قحطان الشعبي وثيقة اسماها "اتحاد الامارات المزيف".

الأمر الآخر، أنَّ التيار الشمالي في الجبهة لم يصبح قوة مؤثرة إِلاَّ في عهد "سالمين" إما قبل ذلك لم يكن دور "عبد الفتاح" سوى محلل للحرام كما - أشرْت سابقًا، في توقيعه على اتفاقية الإسكندرية، ولم يقم التيار الشمالي كما (تسميه) إِلاَّ بضعف "سالمين" الذي صفى القيادات الجنوبية المثقفة وأبقى القيادات الأمية وأنصاف المتعلمين وقد سانده "علي صالح عُباد" في تقوية جناح عبد الفتاح على حساب القيادات الوطنية الحقيقية.

د. محمود السالمي:

مفاوضات الاستقلال شملّت التسميتين "الجنوب العربي" وبين قوسين "جنوب اليمن"، والدكتورة/ أسمهان لديها كتاب عن: "مفاوضات الاستقلال"، ولديها المحاضر نفسها.

د. أسمهان العلس:

نعم. دكتور/ محمود، استخدم المصطلح في رأس الوثيقة وألتزمّت التعريف (اليمني) بين قوسين، وربما كانت تسعى إلى قراءة مختلفة للمصطلح، خاصةً أنَّ بريطانيا استهدفت "عدن" فقط بالاحتلال والإدارة ونظم الحكم، فيما أحيطت "عدن" وقتها بأراضي مجزأة متناثرة مختلفة أنماط الحكم، كما كانت هذه الأراضي مصدر قلق وتهديد لأمن بريطانيا في "عدن"، وحتى في حالة توّحد هذه الأراضي لم تتوحد دفعةً واحدة في إطار إداري وقانوني واحد، وحتى الاستقلال لم تعرف توحيدًا متكاملاً، ولم تتوّحد إِلاَّ بعد تأسيس النظام الوطني.

د. أسمهان العلس:

لم تكن الجبهة القومية فرعًا لحركة القوميين العرب.

د. إسماعيل قحطان:

أُستخدِمَت عبارة منذ كانت لتوضيح الفرق بين الطرفين، لكّن في مجمل الأحداث كان "دعم حركة القوميين" لـ "الجبهة القومية" على إعتبار إِنَّ التيار الأبرز هو تيار "القوميين" داخل الجبهة.

د. أسمهان العلس:

بعد تشكيل الجبهة أصبح القوميين مؤسسين لها مثل القبائل والضباط.

ا. د عبد الحكيم الهجري:

السلام عليكم جميعًا، نتيجة لظروف خاصة لم أستطع مواكبة ندوة الليلة الشيقة والرائعة للأخ العزيز الدكتور/ إسماعيل قحطان، ولمقدم الندوة الدكتور/ أحمد المصري، ولجميع الزميلات والزملاء، ربما اكتفي بالمشاركة بهذه المقالة للأخ العزيز المفكر والكاتب/ قادري أحمد حيدر:" 14 أكتوبر في جدل الوطنية اليمنية وعيٌ بمعنى الوطن والحرية والاستقلال ".

https://www.khuyut.com/blog/october-rev

۞ أنظر الملحق رقم (1).

د. إسماعيل قحطان:

لك كل التقدير بروف/ عبد الحكيم، وشكرًا لتفاعلك الجميل.

د. صادق الصفواني:

"كلمة الزعيم جمال عبد الناصر التي ألقاها في ميدان الشهداء بتعز في تاريخ 26 أبريل 1964م، لدعم ثوار 14 أكتوبر 1963م".

۞ أنظر الملحق رقم (2).

د. عبد الناصر البطاطي:

أسعد الله أوقاتكم جميعاً ... هنا تعقيب مقتضب نريد طرحه: -

إنَّ التاريخ السياسي بمجملة تعسفي ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجاري أدنى درجات العدل يكتبه المنتصر، وينشره المنتفع؛ مالك المال بطريقة أو بأخرى.

د. أحمد المصري:

وهنا يأتي دور الباحث المجتهد الموضوعي الذي يحاول رسم صورة الحدث كما وقع بالفعل وبقدر الإمكان الاعتماد على المصادر المختلفة وأهمها ما تكتبه المعارضة وخصوم الحاكم وما يكتبه حملة "مباخر السلطان" للوصول إلى نقطة وسط.

د. محمود السالمي:

نحن جيل تشبّع بالشعارات الوطنية وبتقديس الثورات؛ ولذلك ننخاز إلى الجانب السياسي من دون أن نشعر، ونتعاطى مع الثورات باحترام شديد وبمنطق السياسة التي شربناها وليس بمنطق المؤرخ المحايد.

د. عبد الناصر البطاطي:

حفظك الله دكتور/ محمود من هنا تبدأ الانطلاقة.

د. أسمهان العلس:

الباحث غير الملتزم والخالية من العلم.

د. أحمد المصري:

نحن في بلدان يُسخّر فيها الإعلام والمساجد والجوامع والمدارس من أجل ترسيخ فكرة معينة، لذلك لا غرابة في أن المؤرخ ابن بيئته المتشبعة بهذا الضخ الإعلامي.

د. محمود السالمي:

أحسنت.

د. عبد الناصر البطاطي:

نعم. هذا المطلوب. نريد كتابة التاريخ السياسي بصورة محايدة قدر الإمكان هذا عشمنا ندعه للأجيال القادمة.

أ. عبد الوارث العلقمي:

هنالك قراءه يمكن أن نستشفها من بين السطور ومن خلال مداخلة الدكتورة/ أريكا تقول: أنَّ الاستقلال كان نتّاج اجتماع عاملين داخلي وخارجي، فالداخلي هو الفعل الثوري والإرادة الشعبية والتي سميناها بالكفاح المسلح وانتفاضة القبائل اليمنية الجنوبية وهي الأساس، لكّن العامل الخارجي لا يقل أهمية عن الداخلي والمتمثل في الإرادة الدولية، وهي التشريعات الدولية المنبثقة عن مقررات خمسٍ وأربعين دولة وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، والتي كانت أهَّم مبادئها الحرية وحق تقرير المصير للشعوب الحية (الحرة لأن العبيد لا يتحررون أصلًا) وهو ما دفع بريطانيا لمحاولة التفاهم مع شعوب مستعمراتها في أنحاء العالم وبدأت بالتفاوض والحوار مع الهند وبلدان أخرى ومنها جنوب اليمن.

ولا ينبغي أن نغفل تنامي الوعي القومي العروبي والذي هيجه الزعيم جمال عبد الناصر.

د. أسمهان العلس:

نعم. هذه عوامل مؤثرة الباحث/ عبد الوارث، لكّن بريطانيا كانت في خطتها الانسحاب من كل القواعد الثابتة والاعتماد على التواجد في المياه الدافئة ضمن ترسانات مسلحة، وانسحبت من قبرص ومالطا وغيرها.

ا. د. محمود الشعبي:

إنَّ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية هي فترة التحرر من الاستعمار بموجب المواثيق الدولية الداعية لذلك، وقد تحررت أغلب دول العالم وخاصةً الإفريقية في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات وآخرها دول الخليج في مطلع السبعينيات.

د. محمود السالمي‏:

نعم. تحررت بثورات أو بدون ثورات، والتي تحررت بدون ثورات أوضاعها اليوم أفضل من بعض الدول التي تحررت بثورات.

د. أحمد العرامي:

سمعت من والدي - رحمة الله عليه - أنَّ القاضي عبد الرحمن الإرياني عُيّن بعد استقلال الشطر الجنوبي "سفير في عدن"، وبعد التعيين تَّم التراجع. فمن لديه معلومات عن هذا الموضوع.

ا. د. محمود الشعبي:

يعطيكم ألف عافية يا دكتور/ أحمد العرامي.

كل شيء محتمل لا نستبعد ذلك من حكومة الإرياني التي كانت واقعة تحت سيطرة تقاسم الحصص بين التيار الديني وحزب البعث ومشائخ القبائل، والإرياني وفريقه من القضاة، وإنَّ أوضاع الجنوب لم تكن تعنيهم إِلاَّ قليلًا.

د. إسماعيل قحطان:

حيّاك الله دكتور/ أحمد.

هناك معلومات أنَّ السفير "جغمان"  كان ينقل المراسلات بين "قحطان" و "الإرياني" حول الوحدة، لكّن ليس لديّ معلومات كافية على إن كان سفيرًا مقيمًا أم سفيرًا فقط لنقل وجهات النظر.

د. أحمد العرامي:

دور محافظتي البيضاء ورداع (حينها) في ثورة 14 أكتوبر لم يوثق، وما زال مجرد روايات.

د. إسماعيل قحطان:

أبناء المحافظات الشمالية انخرطوا كمقاتلين في صفوف الجبهتين في فترة الكفاح المسلح مثلّما انخرط أبناء السلطنات والمشيخات في القتال في صفوف ثورة سبتمبر.

في هذه الفترة كان الفرز على مستوى المحافظات أو المشيخات صعب، فقد كان جيل ذاك الزمان وحدويًا بالفطرة ولا يجد أي عائق يمنعه من التنقل للقتال في الصفوف الوطنية لدعم القضايا اليمنية.

دور أبناء البيضاء ظهر جليًا وقويًا في حصار "السبعين" حين أصبّحت قبائل طوق صنعاء إما محايدة أو معادية للثورة؛ فجاءت قبائل البيضاء بقيادة الشيخ "أحمد عبدربه العواضي" لتكتسح كل مناطق القبائل الممتدة من باجل إلى صنعاء وتفك الحصار عن صنعاء، ولهذا دفع الشيخ العواضي حياته ثمنًا لهذا الموقف العظيم لأنه أظهر عجز شيوخ قبائل طوق صنعاء عن حمايتها.

د. حنان المرقشي:

عُيّن "يحيى جغمان" وزير الخارجية.

د. أحمد العرامي:

أقصد أنَّ تلّك الروايات حول دور الكثير من أبناء رداع والبيضاء في ثورة أكتوبر متداولة ولم توثق. بالنسبة لدور العواضي وقبائل البيضاء ورداع في فك الحصار عن صنعاء أصبّح في وجدان أبناء المحافظة مثَّل الشوكة في الحلق.

۞ ولمن يريد موضوع مميز للبحث، انصح أن يكون عن الشيخ أحمد عبدربه العواضي.

د. إسماعيل قحطان:

بالفعل، دور أبناء البيضاء في فك الحصار ودور الشيخ العواضي تحتاج لدراسة وبإمكانك أن تتبنى أحد طلبة الدراسات العليا للقيام بذلك.

التعليقات (0)