النور الجريفاوي

أمين بيت مال بربر

(الجزء الرابع)

أكد النور الجريفاوي للخليفة عبدالله أن السرايا التي توجهت الى الشرق (أرياب) قد تم الاعتناء بها على أكمل وجه كما أن الأمير عثمان الدكيم وجه كل من حمد أحمد طه هساي ومحمد صالح راجح وكل الأنصار واتباع المهدية في المنطقة بأن يقوموا بجمع الغلال والأموال وتوزع على الأنصار في (أرياب) تحت إشراف عامل بيت المال هناك([1]).

سعى الخليفة عبد الله إلى إرسال الجعليين إلى شرق السودان ومنطقة أرياب كما أكد على النور الجريفاوي وعامله عثمان الدكيم على تنفير كل الجعليين الى تلك الجهات ولقد بلغ عدد الجعليين في سرايا الشرق وارياب (8000) مقاتل لكن الكثير منهم امتنع عن الذهاب إلى تلك المناطق مما دفع الأمير عثمان الدكيم إلى حثهم على الذهاب إلى الشرق، وكلف النور الجريفاوي بتوضيح موقف القبيلة من الذهاب الى أرياب والشرق([2]).

عندما قرر الخليفة عبدالله غزو مصر وكلف الأمير عبدالرحمن النجومي للقيام بهذه المهمة، كما أمر النور الجريفاوي بأن يعمل على تحويل الجعليين من ديم أرياب إلى ديم أبي حمد والالتحاق بقوات النجومي المتوجهة لغزو مصر وليصحبوا تحت إمرته، على أن يذهب حامد أبوالكيلك إلى أرياب ليحل محل القوات المنسحبة إلى أبي حمد، عندها أحضر الأمير عبدالله ود سعد نحاسه ومعه (212) مقاتل وتوجه إلى أبي حمد على حسب الأمر الصادر من الخليفة ([3]).

بسبب طول المدة التي قضاها الجعليون في دنقلا، وهم في سرية الأمير عبدالرحمن النجومي عمل البعض منهم بالتجارة بين دنقلا وام درمان عبر الطرق التي لم تكن تحت رقابة الدولة المهدية، وقد أخبر النور الجريفاوي الخليفة بذلك، وعندما علم إبراهيم ودعدلان أمين بيت مال العموم بذلك أشار على النور الجريفاوي بضبطهم وإحضارهم إلى دنقلا([4]).

تغنيم الجعليين الذين تخلفوا عن الجهاد:

تنفيذًا لأوامر الخليفة عبدالله عمل النور الجريفاوي على تغنيم أموال الجعليين أصحاب الأموال الذين تخلفوا عن الجهاد، والالتحاق بقوات النجومي أو الذهاب إلى أرياب وأول المجموعات التي بدأت بها عملية التغنيم جماعة المتمة حيث بلغت غنائمهم (1250) ريال صرف منها مبلغ (585) ريال على المحتاجين في بربر ومبلغ (664) ريال تم إدخالها إلى بيت المال ([5]).

ارسال الغلال لديم أرياب:

قام النور الجريفاوي بإرسال مائة أردب من الذرة من بربر الى أرياب، وقد كان نصيب الفرد المقاتل نصف أردب في الشهر، وقد أصبحت بربر نقطة تجمع للغلال، ثم بعد ذلك تحمل على الجمال الى باقي العمالة ([6]).

قوات المهدية في مثلث حلايب وجبل علبة:

كانت قوات المهدية مسيطرة على مثلث حلايب وجبل علبة، وقد كان الحسن سعد العبادي هو عامل الخليفة على تلك الجهات، وقد نجح في تهريب الكثير من البارود والبضائع من الحجاز عبر تلك الجهات ([7]).

الخليفة عبدالله يشكر النور الجريفاوي على فترته في بيت مال بربر:

ارسل الخليفة عبدالله للنور الجريفاوي في (3 صفر1314هـ) خطاباً للنور الجريفاوي يشكره فيه على فترة خدمته في بيت مال بربر، وكذلك خدمته للعامل الصالح حماد عامل بربر ([8]).

في خطاب آخر أكد النور الجريفاوي للخليفة عبدالله بأنه ومنذ أن تولى منصب أمين بيت مال بربر عمل على تنظيمه وتحديد ايراداته ومصروفاته، وكان دائم التشاور مع العمال الذين عمل معهم ولم يفعل شيئاً دون مشورتهم ([9]).

نلاحظ في الخطابين الأخرين أنَ الخليفة عبد الله قد شكر الجريفاوي على مجهوداته في إدارة بيت مال بربر وتنظيمه، الأمر الذي يعنى رضى الخليفة التام عن النور الجريفاوي وهو بذلك الخطاب يكون قد اعترف بفضل ومكانة ومقدرات النور الجريفاوي التنظيمية التي توهله لشغل أي منصب في الدولة مستقبلاً، والدليل على ذلك نجد أنَ النور الجريفاوي وفي العام (1891م) قد شغل منصب أمين بيت مال العموم خلفاً لأمين بيت المال إبراهيم ودعدلان، وكذلك في رد النور الجريفاوي للخليفة نجده قد بين أسباب نجاحه للخليفة، والتي أجملها في التعاون مع العمال ثم التنظيم والترتيب لبيت مال بربر ثم تحديد الدخل والمنصرف.

الخاتمة:

لعب النور الجريفاوي دوراً مهماً في وإعداد بيت مال بربر وتنظيمه، وقد أثرت شخصيته التجارية منذ العهد (التركي – المصري) في أن ينجح في إدارة بيت المال رغم المشاكل التي كانت تحيط به من صراع مع العبابدة ومجاعة (1306هـ / 1888م)، ثم إيقاف التجارة مع مصر والحبشة، ثم عملية تنفير القبائل وترحيلها عبر بربر رغم كل ذلك نجده قد ساهم بصورة واضحة في مد الدولة المهدية بالبارود من مصر والعمل على تنظيم التجارة ثم إمداد قوات النجومي بما تحتاج إليه في حملتها لغزو مصر، كذلك نلاحظ اجتهاد النور الجريفاوي في إمداد قوات الأمير عثمان دقنة في شرق السودان بالغلال واقتراحه للخليفة عبدالله بتكوين ديم في منطقة (أرياب)، كل هذه المجهودات جعلت من النور الجريفاوي منظم بيت المال في بربر يصبح بعد ذلك أمين بيت مال العموم في أم درمان، ويصبح محل ثقة الخليفة عبدالله.

النتائج:

توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج، منها:

• تنظيم بيت مال بربر ارتبط بصورة كبيرة بشخصية النور الجريفاوي.
• نجاح النور الجريفاوي في ربط بيت المال في بربر بباقي بيوت المال في (العمالة).
• مساهمة النور الجريفاوي في إمداد القوات المرابطة بديم بربر وباقي العمالة.
• تمويل النور الجريفاوي لقوات النجومي والأمير عثمان دقنة مما وضح مقدرة الرجل على التنظيم والإعداد.
• نجاح النور الجريفاوي في بيت مال بربر أهله بأن يصبح بعد ذلك أمين بيت مال العموم.
• استطاع النور الجريفاوي أن ينقل بيت مال بربر من بيت مال تقليدي الى بيت مال شامل يشبه (البنك).

التوصيات:

من التوصيات التي خرجت بها الدراسة:

• دراسة شخصية النور الجريفاوي بصورة مفصلة تتيح للباحثين معرفة الكثير من جوانب شخصية الرجل.
• العمل على توضيح الدور الإيجابي الذي قام به النور الجريفاوي في تنظيم بيوت مال الدولة المهدية.
• العمل على دراسة أمناء بيت المال في الدولة المهدية بصورة مفصلة.

قائمة المصادر والمراجع:

اولاً: المصادر:

الوثائق:

• مهدية 1/19A/ 1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، 10 رمضان 1304هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/ 1من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، ذو القعدة 1304هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/ 1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، 9الحجة 1304هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 2ربيع أول 1314هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور ابراهيم الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، 21 القعدة 1305هـ.
• ـ د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور ابراهيم الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، 5ربيع أول 1307هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم الجريفاوي إلى الخليفة عبد الله، 14 الحجة 1305هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/A44/1 من الخليفة عبد الله إلى سليمان النويري، 12 رجب 1306.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 15 الحجة 1305هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 7جماد أول 1307هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 8 جماد أول 1307هـ.

   ● د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 6محرم1307هـ.

• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 14 صفر 1307هـ.
• د. و. م. خ/ مهدية 1/19/1 من النور الجريفاوي إلى الخليفة عبدالله، 15 صفر 1307هـ.

ثانياً: الكتب المصدرية:

• إبراهيم فوزي، السودان بين يدي غردون وكتشنر، ج1، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2008م.
• بابكر بدري، تاريخ حياتي، ج1، (ب. د)، (ب . ت).

ثالثاً: الكتب:

• إبراهيم شحاته حسن، إمارة الاسلام المهدية في السودان، الدار العربية القومية للثقافة والنشر، القاهرة، (ب. ت).
• ب. م هولت، المهدية في السودان، ترجمة، جميل عبيد، دار الفكر العربي، بيروت، 1982م.
• حاتم الصديق محمد أحمد، دور الأمير يعقوب في المهدية (1881-1898م)، الدار العربية للموسوعات، لبنان، بيروت، 2010م.
• عبدالغفار محمد على، أثر العوامل السياسية والاقتصادية في سقوط دولة المهدية (1881-1898م)، اصداف للطباعة والإعلان، الخرطوم، 2014م.
• محمد إبراهيم أبو سليم، تاريخ مدينة الخرطوم، ط2، دار الجيل بيروت، 1399هـ- 1979م.
• محمد سعيد القدال، السياسة الاقتصادية للدولة المهدية (مصادرها –مظاهرها – تطبيقها ) (1881-1898م)،دار الجيل، بيروت، لبنان، 1992م.

ثالثاً: المقابلات:

1- مقابلة شخصية أجراها الباحث مع أحفاد النور إبراهيم الجريفاوي بمنزلهم بحي ودارو بمدينة أم درمان في يوم الجمعة 13/5/2016م الساعة 11 صباحاً.

رابعاً: المواقع الالكترونية:

1- أرشيف المدونة الالكترونية، قبيلة العبابدة الكواهلة، ج1، الخميس 12يوليو 2012م.

(الجزء الأول)

(الجزء الثاني)

(الجزء الثالث)

[1])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 11رجب 1305هـ، ص23.

[2])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 15 شعبان 1305هـ، ص25.

[3])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 19 الحجة 1305هـ، ص45.

[4])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 6 القعدة 1306 هـ، ص91.

[5])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 11 محرم 1307هـ، ص105.

[6])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 25 شوال1305هـ، ص28.

[7])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 18 محرم 1307 هـ، ص109.

[8])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 15صفر 1314 هـ، ص155.

[9])) د. و. م. خ/ مهدية 1/19A/1 من النور إبراهيم إلى الخليفة عبد الله، 1 ربيع أول 1314 هـ، ص156.